[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  [صيغ العموم]
  مسألة: اختلف في الصيغ التي تستعمل في العموم مثل (أسماء الشرط(١) والاستفهام) نحو: من وما وأي فيهما، ومهما وأينما في الشرط.
  (والموصولات(٢)) نحو: من وما وأي والذي (وكل، ونحوها) كجميع سواء كانت مثبتة أو منفية، إلا أن دخول السلب عليها يفيد سلب العموم
(قوله): «اختلف في الصيغ ... إلخ» اعتمد المؤلف # ما في الفصول وشرحه للشيخ العلامة | وشرح الجوهرة من أن خلاف منكري العموم ثابت في جميع صيغ العموم سواء كانت من ألفاظ التأكيد نحو كل وجميع أو من غيرها كالموصلات، وقد قيل: إن منكري العموم لا ينازعون في عموم ألفاظ التأكيد، وإنما نزاعهم في غيرها، قال في شرح الجوهرة: الأظهر أن الخلاف من منكري العموم مطرد في جميع الألفاظ اهـ قال في حواشي الفصول: ويدل عليه اشتهار القول بأنه لا صيغ للعموم مطلقاً. وعبارة شرح المختصر وحواشيه مشعرة بما ذكره هذا القائل من أن النزاع في غير ألفاظ التأكيد، حيث ذكروا أن النزاع راجع إلى الصيغ التي سيذكرها ابن الحاجب هل هي للعموم أم لا؛ إذ لا يتصور نزاع في إمكان التعبير عن العموم بعبارة نحو كل رجل وجميع الرجال ونحو ذلك، وهذا الكلام مبني على قول منكري العموم، وأما على قول مثبتي العموم فقد قسمها[١] في الفصول عندهم إلى متفق على عمومه ومختلف فيه، وقد أشار المؤلف # إلى هذا في آخر البحث حيث قال: إذا تقرر ذلك فالقائلون بأن العموم له صيغة لم ينقل عنهم خلاف في أن ما سبق ذكره من الألفاظ للعموم إلى آخر كلامه. إذا عرفت هذا اندفع ما يتوهم من مخالفة ما ذكره المؤلف # لما ذكره في الفصول ولما سيأتي له، وذلك أن إطلاق الخلاف هنا إنما هو بالنظر إلى منكري العموم فلا مخالفة، والله أعلم.
(قوله): «سواء كانت مثبتة أو منفية» قد اعتبروا في إفادة لفظ كل في النفي لعموم السلب شروطاً ذكرها في التلخيص عن عبدالقاهر، وقد أوردها صاحب الفصول في هذا المقام، وحاصله على ما ذكره الشيخ العلامة | في شرح الإيجاز وشرح الفصول: أن لفظ كل سواء كان مسنداً إليه أو معمولاً يفيد تناول الحكم لكل فرد إن لم يكن في حيز النفي، نحو قوله ÷: «كل ذلك لم يكن»، وقوله: كله لم أصنع، وإن كان في حيزه بأن تقدم عليه النفي لفظاً نحو: ما كل ما يتمنى المرء يدركه[٢] أو تقديراً كما إذا تقدم على العامل المنفي نحو =
(١) وكذا من صيغ العموم لفظ معشر ومعاشر، وعامة، وكافة، وقاطبة، وسائر. (فصول).
(*) قوله: «أسماء الشرط» لا يخفى أن كون أسماء الشرط للعموم ظاهر وأما كون أسماء الاستفهام للعموم كقولهم: من أبوك .... ومتى القتال فغير ظاهر، وما قيل في توجيهه: إنه إذا قيل: من أبوك؟ كان بمعنى: أزيد أبوك أم عمرو أم بكر إلى غير ذلك، عدل إلى ذلك احترازاً عن التفصيل المتعذر أو التطويل المتعسر - فأقول: فيه بحث؛ لأن تناول كلمة «من» لزيد وعمرو وغيرهما في هذه الصورة ليس دفعة، بل على البدل، وليس بحسب الدلالة بل بحسب الاحتمال، وأي فرق بين: من أبوك وبين: ادخل سوقاً؛ لأنه في معنى ادخل إما سوق الأمير أو الوزير أو غيرهما، عدل إلى ذلك احترازاً عن التطويل. والجواب: أن تناول «من» لزيد وعمرو دفعة لا على البدل، إلا أنه على سبيل التردد دون الجزم، وكذا تناوله لهما بحسب الدلالة على نحو التردد لا على نحو الاحتمال، وفرق ما بينهما فتأمل؛ لأنه لا يخلو عن دقة. ومما يحقق ما قلناه أنهم جعلوا معيار العموم صحة الاستثناء، وذلك صحيح هنا، مثل قولهم: أي عبيدي جاء إلا زيداً. (ميرزاجان).
(٢) التي ليست للعهد.
[١] أي: ألفاظ العموم. (ح).
[٢] في نسخ عوض هذا: وقوله كله لم أصنع وإن كان ... إلخ. (ح).