هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 567 - الجزء 2

  وقوله: «على الإطلاق» يخرج لام العهد الذهني، فإنها فيه مشار بها إلى الجنس نفسه من حيث وجوده لا في ضمن أي: فرد على الإطلاق، بل في ضمن فرد غير معين، وذلك الفرد المندرج تحته باعتبار مطابقته للماهية معلوم عند المتكلم والسامع، فله عهدية بهذا الاعتبار، فسمي معهوداً ذهنياً، ثم إنهم اتفقوا على أن العهد الذهني يتوقف على قرينة البعضية، ومع انتفائها يجب الحمل على الاستغراق⁣(⁣١)، وهو ما أردناه من العموم، وعليه جمهور الأصوليين من غير فرق بين ما ميز واحده بالوحدة أو بالتاء وما لم يكن كذلك (للتبادر) للعموم منه عند الإطلاق؛ ولهذا وقع الاتفاق


(قوله): «على قرينة البعضية» أي: على أن المراد بعض الجنس الموجود في فرد كما في قولك: ادخل السوق.

(قوله): «ومع انتفائها» أي: قرينة البعضية «يجب الحمل على الاستغراق» ظاهره أن قوله: ومع انتفائها⁣[⁣١] ... إلخ متفق عليه، ثم معنى العبارة هكذا: ثم اتفقوا على أن العهد الذهني مع انتفائها يجب الحمل على الاستغراق، وليس كذلك، فإن المخالف كأبي هاشم ومن معه يجعلونه للجنس الصادق ببعض الأفراد. وعبارة التلويح: وبالجملة توقف العهد الذهني على قرينة البعضية أو عدم الاستغراق مما اتفقوا عليه. فلم يعترض للاتفاق على الاستغراق مع عدم قرينة البعضية. واعلم أن ما ذكره المؤلف # إنما ينفي كونها ظاهرة في العهد الذهني فقط، ولا بد في إثبات كونها ظاهرة في الاستغراق من بيان نفي كونها ظاهرة في العهد الخارجي ونفس الحقيقة أيضاً، وقد زاد في التلويح بيان الثاني، وأما العهد الخارجي فأشعر كلامه بأنه هو الراجح حيث قال: الأصل أي الراجح هو العهد الخارجي؛ لأنه حقيقة التعيين وكمال التمييز، ثم الاستغراق؛ لأن الحكم على نفس الحقيقة بدون اعتبار الأفراد قليل الاستعمال جداً، والعهد الذهني موقوف على وجود قرينة البعضية، فالاستغراق هو المفهوم من الإطلاق حيث لا عهد في الخراج خصوصاً في الجمع؛ فإن الجمعية قرينة القصد إلى الإفراد دون نفس الحقيقة من حيث هي، هذا ما عليه المحققون. اهـ قلت: وزاد الشيخ العلامة نفي كونها ظاهرة في العهد الخارجي لتوقفه على قرينة، وهي تقدم العهد، حيث قال: ولو قيل: إن [حمل الاسم المعرف على]⁣[⁣٢] العهد يحتاج فيه إلى قرينة وهي تقدم العهد وإن ذلك يجعل الاسم مجازاً لأنه عام مخصوص لم يكن بعيداً. اهـ وحينئذ يتم الاستدلال على كون اللام ظاهرة في الاستغراق ويندفع لزوم الاشتراك والمجاز، هذا ما ينبغي أن توجه به إفادة اللام للاستغراق، أما ما ذكره في شرح التلخيص من أن لام الاستغراق مفتقرة إلى القرينة حيث قال: فاللام التي لتعريف العهد أو للاستغراق هي لام الحقيقة حملت على ما ذكرنا من معنى الاستغراق بحسب المقام والقرينة - فلعله مبني على كلام من قال: إنها لا تفيد الاستغراق بنفسها كالزمخشري وغيره.


(١) لا نفس الحقيقة؛ لأن الحكم عليها بدون اعتبار الأفراد قليل الاستعمال جداً كما في التلويح، وأما العهد الخارجي فهو كالذهني في احتياجه إلى القرينة كما نص عليه الشيخ لطف الله. (من خط العلامة عبدالقادر بن أحمد).


[١] متفق عليه، ليس مراد المؤلف ذلك، بل قوله: ومع انتفائها ... إلخ كلام مستأنف وليس بمعطوف على المتفق عليه، كيف وقد أشار إلى الخلاف بقوله: وعليه جمهور الأصوليين؟ (حسن بن يحيى). وكذلك قوله فيما يأتي: الخلاف في الاستغراق. (حسن).

[٢] ما بين المعقوفين من شرح الشيخ للفصول.