[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  على أن المعهود الذهني مفتقر إلى القرينة، بخلاف الاستغراق.
  (واستدلال العلماء) كما ذكرناه في السارق والسارقة(١) والزانية والزاني، وكاحتجاجهم بحديث مسلم وأبي داود وغيرهما: «الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح مثلاً بمثل سواء بسواء يداً بيد، فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد» وشاع وذاع ولم ينكره أحد.
  (وصحة الاستثناء(٢)) فإنه جائز من هذه الصيغة بشهادة الاستعمال والإجماع،
(قوله): «وصحة الاستثناء ... إلخ» قال الشيخ في حاشية: أي يظهر كون المراد الاستغراق لصحة الاستثناء وإن كان صحة الاستثناء معلولا لإرادة الاستغراق اهـ يعني فلا يرد ما يقال: الاستدلال بصحة الاستثناء على العموم دور؛ لأن إرادة الاستغراق علة لصحة الاستثناء. وقد أورد في التلويح على الاستدلال بالاستثناء على العموم بأن المستثنى منه قد يكون خاصاً اسم عدد نحو: عندي عشرة إلا واحداً، أو عين نحو: كسوت زيداً إلا رأسه[١]، ونحو صمت هذا الشهر إلا يوم كذا، وجاءني هؤلاء الرجال إلا زيداً - فلا يكون الاستثناء دليل العموم، وحاصل ما ذكره في دفع ذلك جوابان: أحدهما: أن المستثنى منه في هذه الصور وإن لم يكن عاماً لكنه يتضمن صيغة عموم باعتبارها يصح الاستثناء، وهو جمع مضاف إلى المعرفة، أي: جميع أجزاء العشرة وأعضاء زيد وأيام هذا الشهر وآحاد هذا الجمع. قلت: لكن[٢] يكون مبنياً على أن المراد صلوح الكل للأجزاء، وليس كذلك. وثانيهما: أن المراد أن الاستثناء من متعدد[٣] غير محصور دليل العموم؛ لأن المستثنى منه في الاستثناء المتصل يجب أن يشمل المستثنى وغيره بحسب الدلالة، فيكون الاستثناء لإخراجه ومنعه عن الدخول تحت الحكم، فلا بد في غير المحصور من استغراقه ليتناول المستثنى وغيره فيصح إخراجه =
(١) اللام في الآيتين موصولة فينظر. اهـ لم يرد أن يمثل بهما للام الجنس، إنما أحال عليهما ما تقدم ذكره من أن استدلال العلماء إجماع؛ فلذلك قال: كما ذكرناه. (من خط العلامة عبدالقادر بن أحمد).
(٢) أي: المتصل؛ لأنه لا جائز أن يراد بالمستثنى منه بعض منه، وإلا فلا حاجة إلى الاستثناء لعدم تحقق الدخول ولا بعض مبهم أو معين منه المستثنى؛ لأن إرادة البعض دون البعض ترجيح بلا مرجح، فتعين إرادة الجميع، ثم إن دلالة الاستثناء على الاستغراق بناء على القول بأنه يجب دخول المستثنى في لفظ المستثنى منه، أما على أن الشرط جواز دخوله فلا.
[١] عبارة التلويح: أو اسم علم [نحو كسوت].
[٢] الظاهر من الجواب الأول أنه يندرج في صلوح الكلي للأفراد فلا يرد ما ذكره المحشي فتأمل. (عن خط شيخه). لعل مراد المحشى أن لفظ الجميع ... إلخ إنما هو كل لكل جزء جزء من العشرة، بمعنى دلالته على كل واحد منها، وهذا هو صلوح الكل للأجزاء، فليس بعام، فكيف يكون الاستثناء دليل العموم فيصح فيه؟ إذ المراد بالعام ما يصلح صلوح الكلي للجزئيات، أي: يصدق على كل جزئي منها، وجزئيات العشرة هنا عشرات متعددة لا كل واحد واحد فهو جزء فتأمل. (حسن من خط حفيده مؤلف الروض).
[٣] في المطبوع: أن المراد من الاستثناء متعدد. والمثبت من التلويح.