[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  (وقيل:) هو للعموم (إن لم يميز الواحد) منه (بالوحدة(١)) سواء ميز واحده بالتاء كالبر والشعير والتمر، أو لم يميز بشيء منهما كالذهب والفضة والملح والعسل والماء، وهذا مذهب الغزالي(٢).
  أما إذا ميز واحده بالوحدة كالدينار والرجل والرغيف فلا يحمل على العموم إلا بقرينة، كالتسعير في قولهم: الدينار أفضل من الدرهم، والتفضيل في نحو: لا يقتل الرجل بالمرأة.
(قوله): «كالبر» فإنه يقال في واحده: برة، ذكره في الصحاح.
(قوله): «أو لم يميز ... إلخ، الذي في شرح الجمع للمحلي أن الغزالي قسم ما ليس واحده بالتاء كالماء والرجل إلى ما يتميز بالوحدة كالرجل فلا يعم، وإلى ما لا يتميز بها كالذهب[١] فيعم، وهو خلاف ما ذكره المؤلف # فيما يميز واحده بالتاء. وفي شرح أبي زرعة: فإن تميز بالتاء وخلا عنها فهو للاستغراق. وهو قريب مما ذكره المؤلف # إلا أنه اعتبر الخلو عن التاء ولم يعتبره المؤلف[٢] #، إذا عرفت ذلك فالأقسام ثلاثة: ما لم يتميز بالوحدة، وهو قسمان: إما أن يتميز بالتاء أو لا، وما تميز بالوحدة، وهو قسم ما لم يتميز بالتاء. وأما القسم الرابع وهو ما يتميز بالتاء وبالوحدة فلم يتعرض له ولا لحكمه المؤلف #، وكأنه لعدم تحقق مثاله. واستدل بعضهم[٣] للغزالي على ما يفيد العموم عنده - وهو ما كان واحده بالتاء وجرد عنها - بأنه لو لم يكن للعموم مع تجرده عنها لما كان للإتيان بها معنى، وكذا إذا لم يميز بالوحدة فإن عدم تمييزه قرينة عمومه. وعلى ما لا يفيد العموم عنده - وهو الذي ميز بالوحدة - بأن التمييز بالوحدة كرجل واحد قرينة على صحة إرادتها، فلا يكون عاماً[٤]، ثم أجاب في شرح الفصول بأنا نجد الفرق ونعلمه بالاستقراء بين ما يميز واحده بالتاء معرفا ومنكراً؛ ولذا يصح الاستثناء بعد اللام[٥] لا قبله.
(قوله): «والفضة» يقال: التاء دخلت في المعرف نفسه، ففي التعبير عنه بأنه[٦] مما لم يتميز واحده بالتاء ركة، ولم يتعرض لذكره في شرح الجمع كما عرفت.
(قوله): «كالتسعير ... إلخ» المراد بالأفضلية زيادته في السعر ليصلح مثالا للتسعير، ولعل الوجه في إفادة ما ذكره للعموم أن قصد المتكلم تسعير الجنس في الأول وتفضيله في الثاني، وذلك إنما يتم بالتناول لكل فرد.
(١) كالدينار والرجل، يصح أن يقال: دينار واحد ورجل واحد. (من شرح أبي زرعة).
(٢) فإنه قال المحلي: وكأن مراد الجويني من حيث لم يمثل إلا بما يتميز واحده بالوحدة ما ذكره الغزالي.
[١] فالمتميز واحده بالتاء كما في حديث الصحيحين: «الذهب بالذهب ربا إلا هاء وهاء والبر بالبر ربا إلا هاء وهاء ..» الحديث، هكذا في المحلي فهو صريح[٠] في موافقته لما نقله المؤلف عن الغزالي في أن ما ميز واحده بالتاء من العموم. (عن خط السيد إسماعيل بن محمد بن إسحاق أو ولده شرف الدين).
[٠] إلا أن يريد بتمثيل الحديث للمجموع أعني الأول يعني الذهب فيما لم يميز بالتاء، والثاني البر فيما تميز بها. (من خط حفيد مؤلف الروض).
[٢] شكل عليه. اهـ وفي حاشية: يقال: وإن لم يذكره فهو مراده. (ح عن خط شيخه).
[٣] هو السيد صلاح في شرح الفصول. (ح).
[٤] في حاشية: ينظر في هذا إن شاء الله تعالى.
[٥] في شرح الفصول: بعد دخول اللام.
[٦] شكل عليه، وعليه ما لفظه: يقال: التاء فيه وإن دخلت على المعرف نفسه فليست دالة على الوحدة[٠]؛ فلا ركة في التعبير عنه بما لم يتميز واحده بالتاء؛ إذ ذلك صادق عليه، وهو واضح، والله أعلم. (من خط السيد أحمد بن حسن بن إسحاق |).
[٠] أي: الفردية، بل الوحدة الجنسية. (ح).