[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  وفيه: أن الظاهر من نحو: {النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ}[المائدة: ٤٥]، أن العموم فهم من نفس الصيغة لا من أمر خارج، والمتأول متعسف.
  (وقيل:) هو للعموم (إن ميز) واحده (بالتاء) أما إذا لم يميز واحده بها فلا يفيد عموماً سواء ميز بالوحدة أو لا، وهذا قول الجويني، وهو بعيد جداً؛ ولهذا تؤول بمثل كلام الغزالي.
  (وقيل:) إن اسم الجنس المعرف باللام لا يفيد عموماً أصلاً (بل) هو (للجنس الصادق ببعض الأفراد) كما في: لبست الثوب، وشربت الماء، وهو مذهب أبي هاشم والرازي وأبي الحسين البصري (لأنه) أي: الصادق بالبعض هو (المتيقن) والجميع مشكوك فيه، فوجب الحمل على المتيقن لا على المشكوك إلا أن تقوم قرينة عليه كقوله تعالى: {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ٢ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا}[العصر]، فإن الاستثناء فيه قرينة إرادة العموم.
  (وهو) أي: الاحتجاج المذكور (ترجيح) في اللغة، وقد تقرر أن اللغة إنما تثبت بالتوقيف لا بالترجيح.
  فأما المضاف منه إلى معرفة فالمختار أنه يفيد العموم(١) مطلقاً وفاقاً لابن
(قوله): «وفيه» أي: فيما ذكره الغزالي من التوقف على القرينة المذكورة.
(قوله): «لا من أمر خارج» عن الصيغة، فلم يكن ثبوت التمييز بالوحدة في هذه الصورة مانعاً عن الاستغراق.
(قوله): «والمتأول» أي: المتأول بأن العموم في هذه الصورة مستفاد من قرائن خارجية أو نحوها متعسف؛ لأنه خلاف مقتضى سياقها.
(قوله): «إن ميز واحده بالتاء» نحو: لا تبيعوا التمر بالتمر إلا مثلا بمثل.
(قوله): «وهو بعيد جداً» لأنه جعل التمييز بالتاء قرينة العموم، والقياس العكس[١] على مقتضى ما سبق.
(قوله): «ولهذا» أي: لبعده «تؤول بمثل كلام الغزالي» بأن يحمل على أنه أراد أنه يميز بالتاء مع عدم التمييز بالوحدة، فيكون كالقسم الأول من كلام الغزالي، قال المحلي: كأنه مراد الجويني.
(قوله): «قرينة إرادة العموم» لو قال: قرينة العموم لكان أولى؛ إذ العموم غير مراد، ولعله قصد أن ذلك قبل الإخراج.
(قوله): «مطلقا» أي: سواء ميز بالوحدة أو لا.
(١) إذا لم تكن الإضافة للعهد. (ملا).
[١] أي: أن تكون القرينة العدم. (ح عن خط شيخه).