هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 572 - الجزء 2

  الحاجب والسبكي وغيرهما، وقد أخذ قولاً لابن عباس وأحمد بن حنبل والمرتضى وأبي العباس الحسني رحمهم الله تعالى من قولهم فيمن قال: زوجتي⁣(⁣١) طالق، وله زوجات أنهن يطلقن جميعاً، وما ذاك إلا لأن الجنس المضاف يعم، بل قد قيل: إن عموم المضاف أقوى من عموم المحلى باللام؛ بدليل أن الرازي وهو ممن ينفي عموم المحلى باللام صرح في المحصول بأن الأمر المضاف في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ}⁣[النور: ٦٣] عام في كل أمر⁣(⁣٢).

  ومن الأدلة على عمومه قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ}⁣[البقرة: ١٨٧]، فإنه عام لجميع ليالي الصيام قطعاً.

  ومنها: احتجاجهم على إباحة السمك الطافي بحديث: «والحل ميتته» ولم ينكر عليهم الاحتجاج بذلك، وإنما عدل أصحابنا إلى تخصيص العموم بحديث جابر مرفوعاً: «ما ألقى البحر أو جزر⁣(⁣٣) منه فكلوه، وما مات وطفا فلا تأكلوه» رواه


(قوله): «زوجتي طالق» لعله زوجي⁣[⁣١] بغير تاء ليصلح مثالا لما نحن فيه. قال في الصحاح: زوج الرجل: امرأته قال تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ}⁣[الأعراف: ١٩]، قال في مفردات الألفاظ: وزوجة لغة ردية⁣[⁣٢].

(قوله): «بل قد قيل» ذكره في شرح الجمع.

(قوله): «في كل أمر» من أوامر الله، وخص منه أمر الندب كما ذكره في شرح الجمع.


(١) وفي نسخة: زوجي.

(*) يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى من الحيوانات المتزاوجة: زوج، ولكل قرينين فيها وفي غيرها زوج، كالخف والنعل، ولكل ما يقترن بآخر مماثل له أو مضاد زوج، قال الله تعالى: {فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ٣٩}⁣[القيامة]، وقال: {يَاآدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}⁣[البقرة: ٤٥]، وزوجة لغة ردية، وجمعها زوجات، وجمع الزوج أزواج. (من مفردات الألفاظ).

(٢) فالإضافة عنده أدل على العموم من اللام. (أبو زرعة).

(٣) أي: ما انكشف عنه الماء من حيوان البحر، يقال: جزر الماء يجزر جزراً إذا ذهب ونقص، ومنه: الجزر والمد، وهو رجوع الماء إلى خلف. (نهاية).


[١] التاء في هذه كالتاء في الفضة، فليست للوحدة كما عرفت سابقاً. (ح عن خط شيخه).

[٢] وهكذا نقله الزمخشري عن الأصمعي فقيل له: فقد قال ذو الرمة:

أذو زوجة بالمصر أم ذو قرابة ... أراك لها⁣[⁣٠] بالبصرة العام ثاويا

فقال: سألت أبا عمرو بن العلاء عن هذا فقال: إن ذا الرمة طالما أكل البقل والخل في حوانيت البصرة، يريد أنه قد تحضر، ذكره في ربيع الأبرار. (ح).

[٠] في المطبوع: أزاد بها.