[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  أبو داود وابن ماجه والبيهقي في سننهم.
  ومن الناس من فصل فذهب إلى أنه لا عموم في المضاف الذي يميز واحده بالوحدة؛ محتجاً بأن من قال: زوجتي طالق وعبدي حر، وله زوجات وعبيد لم تطلق ولم يعتق إلا من عينه عند الأكثر، بخلاف ما لم يميز واحده بالوحدة سواء ميز بالتاء نحو: تمر العراق، أو لم يميز بشيء منهما نحو: ماء المطر، وزيت الشام.
  وجعله قولاً للقائلين بعدم طلاق الزوجات وعتق جميع العبيد في المثالين، ولا يخفى على ذي مسكة أن ذلك لا يصلح مأخذاً دائماً، وإنما قالوا ما قالوه لعرف طارٍ اقتضاه، ومثل ذلك يبنى على الأعراف، وإلا لزم فيمن قال: الطلاق يلزمني(١) إن فعلت كذا ثم حنث وقوع الثلاث عند أهل الثلاث، وطلاق جميع الزوجات إن كان له زوجات عند الجميع؛ لكونه اسم جنس محلى باللام؛ لكنه خولف فيه الأصل اتباعاً للعرف الطارئ.
  (و) من الصيغ المختلف في كونها للعموم (الجمع المعرف(٢) باللام) الموصوفة
(قوله): «وجعله» فاعل جعل ضمير عائد إلى من فصل.
(قوله): «ولا يخفى على ذي مسكة أن ذلك» أي: الاحتجاج «لا يصلح مأخذاً» إذ القائل بالعموم لا يسلم ذلك فيما ذكر من المثالين.
(قوله): «الموصوفة» يعني بكونها مشاراً بها إلى الجنس نفسه من حيث الوجود على الإطلاق.
(١) قال أبو زرعة في شرح الجمع ما لفظه: مقتضى عموم المفرد المعرف باللام أن الحالف بالطلاق يقع عليه بالحنث جميع الطلقات، والمنقول أنه لا يقع غير واحدة، وأجاب عنه ابن عبدالسلام بأنها يمين فيراعى فيها العرف لا الوضع اللغوي، وجوز السبكي جواباً آخر، وهو أن الطلاق حقيقة واحدة، وهي قطع عصمة النكاح، وليس له أفراد حتى يقال: إنها تندرج في العموم؛ ولكن مراتبه مختلفة، فقد يكون رجعياً، وقد يكون بائناً بينونة صغرى، وقد يكون بائناً بينونة كبرى، فإذا لم يذكر المراتب ولا نواها لم يحمل إلا على أقل المراتب؛ لأن «ال» لا دلالة لها على قوة مرتبة ولا ضعفها، فلا يحمل إلا على الماهية، وليست آحاد المراتب بمنزلة آحاد العموم حتى يقال بالاستغراق.
(٢) قوله: «الجمع المعرف ... إلخ» يتعلق به سؤال، حاصله أن جموع السلامة للقلة باتفاق النحاة، ومدلول جمع القلة العشرة فما دونها، فكيف يجمع بين ذلك وبين قول الأصوليين: إن صيغة المؤمنين والمشركين ونحوهما للعموم؟ وقد أجاب عنه إمام الحرمين بأن كلام النحاة في الجمع المنكر، =