هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 575 - الجزء 2

  الأئمة من قريش لم يلزم منه أن لا يكون من غيرهم إمام⁣(⁣١)، وقوله تعالى: {وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي}⁣[هود: ٤٥]، فهم عليه الصلاة والسلام من قوله تعالى: {وَأَهْلَكَ}⁣[هود: ٤٠] أن ابنه داخل حتى أجابه تعالى بـ: {إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ}⁣[هود: ٤٦]، وقوله تعالى: {إِنَّا مُهْلِكُو أَهْلِ هَذِهِ الْقَرْيَةِ}⁣[العنكبوت: ٣١]، لما فهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام منه العموم قال: {قَالَ إِنَّ فِيهَا لُوطًا}⁣[العنكبوت: ٣٢]، فأجابته الملائكة $ بتخصيص لوط وأهله إلا امرأته من العموم.

  وقوله ÷ فيمن قال: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين: «قد أصاب كل عبد صالح في السماوات والأرض» وغير ذلك كثير، ولصحة الاستثناء كما تقدم.

  (وقيل:) إنه يفيد العموم (إذا لم يحتمل عهداً) وهو اختيار الجويني وذلك (للتردد معه) أي: مع احتمال العهد بين العموم والخصوص حتى تقوم قرينة على أحدهما (وهو) أي: التردد (ممنوع) بل المتبادر منه العموم كما بيناه.

  (وقيل:) إنه لا يفيد العموم (بل) هو (للجنس كذلك) أي: الصادق ببعض الأفراد من الجماعات، وهو مذهب أبي هاشم، كما في: تزوجت النساء، وملكت العبيد، ما لم تقم قرينة على العموم، وعلته ما سبق⁣(⁣٢).

  واعلم أن المحلى بلام الاستغراق والمعرف بالإضافة من اسم الجنس والجمع سواء في شمول الأفراد⁣(⁣٣) كلها عند القائلين بإفادتهما العموم كما دل عليه الاستقراء


(قوله): «وقيل إنه يفيد العموم إذا لم يحتمل عهداً» قد عرفت أن هذا القيد معتبر كما سبق عن التلويح، وكما في الفصول وجمع الجوامع، فكلام الجويني يعود إلى كلام الجمهور لا مخالفاً له. هذا وظاهر كلام المؤلف # أن خلاف الجويني في الجمع فقط لا في الجنس، وفي الفصول أن خلافه في الجنس أيضاً، واستدلاله بالتردد فيه مؤيد لما في الفصول؛ إذ ذلك جار في الجنس كالجمع واسم الجمع.

(قوله): «وعلته ما سبق» يعني من أنه المتيقن.

(قوله): «من اسم الجنس والجمع سواء في شمول الأفراد ... إلخ» هذا بناء على أن استغراق الجموع باعتبار التناول لكل واحد من الآحاد لا لكل جمع من الجموع، وقد سبق في أول بحث العام أن المراد صلوح الكلي للجزئيات، =


(١) وأما كون كل الأئمة من قريش فإنه ينافي كون بعض الأئمة من غيرهم. (محصول الرازي).

(٢) وفي بعض النسخ: وعليه ما سبق، يعني من أنه إثبات للغة بالترجيح.

(٣) في الإثبات وغيره. (محلي).