هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 576 - الجزء 2

  وصرح به أئمة التفسير في كل ما وقع منه في التنزيل، كقولهم في: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٣٤}⁣[آل عمران]: إنه جُمِع ليتناول كل محسن، وفي قوله تعالى: {وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِلْعَالَمِينَ ١٠٨}⁣[آل عمران]: إنه نكر ظلماً وجمع العالمين على معنى ما يريد شيئاً من الظلم لأحد⁣(⁣١) من خلقه.

  وفي قوله تعالى: {وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ١٠٥}⁣[النساء]: لا تخاصم عن خائن قط؛ ولهذا صح بلا خلاف جاءني القوم أو العلماء إلا زيداً مع امتناع قولك: جاءني كل جماعة من العلماء إلا زيداً على الاستثناء المتصل.

  ومثله⁣(⁣٢) الواقع في سياق النفي من اسم جنس أو جمع منكرين عند الأكثرين نحو: لا رجل في الدار ولا رجال في الدار.


= وكأنه # بنى في كل موضع على قول، أو بناء على ما سبق من التأويل⁣[⁣١] الذي يندفع به الاختلاف بين الكلامين. والمراد هاهنا بشمول الأفراد الشمول مطلقاً سواء كان الحكم المنسوب إلى العام مما يلزم من ثبوته للجماعة ثبوته لكل واحد أولا، وقد صرح بذلك المؤلف # فيما سيأتي إن شاء الله تعالى ونسبه إلى المحققين.

(قوله): «أنه جمع ليتناول كل محسن» هكذا في شرح التلخيص، واعترض عليه بأن هذا التناول موجود في المفرد المستغرق أيضاً، وأجيب بأن المراد يتناول تناولا ظاهراً؛ لما في صيغة الجمع من الإشارة إلى العموم.

(قوله): «مع امتناع قولك: جاءني كل جماعة ... إلخ» هكذا ذكره السعد، واعترض بأنهم جعلوا علي عشرة إلا واحداً من الاستثناء المتصل، فلم يشترطوا في المتصل كون المستثنى من أفراد المستثنى منه، بل يكفي كونه من أجزائه، فلا تدل صحة استثناء الواحد من الجمع المعرف على إرادة كل واحد واحد، وغاية ما أجيب به⁣[⁣٢] عن ذلك أن الحكم إما بالنظر إلى أجزاء المستثنى منه أو جزئياته، فالاستثناء المتصل يكون في الأول باعتبار الأجزاء، وفي الثاني يكون باعتبار الجزئيات، وقولك: جاءني كل جماعة إلا زيداً من الثاني، فلا يصح إلا زيداً على الاستثناء المتصل؛ لأنه جزء لا جزئي للجمع.

(قوله): «نحو لا رجل في الدار ولا رجال» هذا مبني على أن الجمعية قد بطلت فلا فرق بينه وبين لا رجل كما ذكره الشريف، وسيأتي تصريح المؤلف # بذلك إن شاء الله تعالى.


(١) أما دلالة التنكير فلأنه للتقليل بقرينة المقام، ودل في سياق النفي على أنه لا يريد شيئاً من الظلم، وأما دلالة العالمين فمبنية على أن الحكم المتعلق بالجمع المعرف باللام متعلق بكل فرد من الآحاد لا بالمجموع ولا بكل جمع، وأنه في سياق النفي أيضاً قد يكون لعموم النفي لا لنفي العموم بقرينة المقام. (من شرح السعد على الكشاف).

(٢) أي: مثل ما سبق من اسم الجنس المحلى باللام والجمع المعرف ... إلخ.


[١] المشار إليه في القولة السابقة التي أولها قوله: لما في لفظ جميع من التنبيه فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٢] جواب قوي. (من خط بعض العلماء |).