هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 578 - الجزء 2

  ولكن نصوصية⁣(⁣١): «لا رجل» في استغراق أفراد مدلوله، فلا يخرج عنه شيء من الآحاد بغير الاستثناء؛ لأن الاستثناء لا يقدح في كون اللفظ نصاً، بدليل جريانه في أسماء العدد مع كونها نصاً في معانيها، ونصوصية: «لا رجال» في استغراق أفراد مدلوله، فلا يخرج عنه شيء من الجماعات بغير الاستثناء. وأما استغراق الآحاد فيدل عليه بالظهور لا بالنصوصية؛ فلذلك صح: لا رجال في الدار بل رجل أو


(قوله): «بغير الاستثناء» من المخصصات المتصلة.

(قوله): «لأن الاستثناء لا يقدح في كون اللفظ نصاً ... إلخ» قد صرح بذلك الشريف في حواشي شرح التلخيص، وقد حقق ذلك في موضعه من أصول الفقه في تقرير الدلالة في الاستثناء حيث قالوا: إن المستثنى منه باق على حقيقته، فعشرة في مثل علي له عشرة إلا ثلاثة حقيقة في العشرة من الأفراد سواء كان مطلقا أو مقيداً بإلَّا ثلاثة؛ لأن العشرة التي أخرج منها ثلاثة عشرة، فالعشرة بعد إخراج الثلاثة وقبله مفهوم واحد، واستيفاء الكلام يؤخذ من موضعه.

(قوله): «ونصوصية لا رجال في استغراق أفراد مدلوله» الذي هو الجماعات، فلا يقدح في نصوصيته خروج الواحد والاثنين؛ لأنهما ليسا من أفراد مدلوله، إنما يقدح في نصوصية لا رجال خروج ما هو من مدلوله - أعني الجماعات - بغير الاستثناء، ذكره المحقق الشريف، ثم قال: فخروج الواحد والاثنين عن قولك: ليس فيها رجال لا يكون تخصيصاً؛ إذ هو باق على استغراقه لإفراد مدلوله دالا عليها بالظهور، وقد خرج عنه ما ليس من أفراد مدلوله، وهو الواحد والاثنان، هذا كلامه، وهو صريح في أن الجمع المستغرق لا دلالة له على الآحاد، وظاهر كلام المؤلف #[⁣١] إن للجمع دلالتين: دلالة عليها بطريق الظهور، ودلالة على الجماعات بالنصوصية، ولعله مبني على ما في الجواهر من أن الرجال يفهم منه جميع أفراده بالمطابقة والآحاد بالتضمن.

(قوله): «وأما استغراق الآحاد فيدل عليه بالظهور» أي: وأما استغراق لا رجال للآحاد فيدل عليه بالظهور؛ لأن الآحاد ليست أفراد مدلوله؛ فلهذا فرق بين المعنيين في الجمع الداخلة عليه لا الاستغراقية، بخلاف المفرد.


(١) نصوصية مبتدأ، خبره في استغراق.

(*) فائدة: قال الزركشي ما لفظه: تنبيه: البعض ونحوه من الجزء والنصف والثلث إذا أضيف لا يقتضي العموم، وإلا لكان: قام بعض الرجال مثل: قام كلهم، كذا قال بعض الأصوليين، وينبغي تخصيص هذا ببعض المحال، وهو إذا لم تدع إلى العموم ضرورة؛ كقوله تعالى: {وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ}⁣[الإسراء: ٥٥]، لأنه يستحيل أن يكون كل واحد أفضل من الآخر، فإن دعت كان للعموم، وهو حينئذ بالقرينة لا بالإضافة، كقوله تعالى: {وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا}⁣[العنكبوت: ٢٥]، فإنه عام، وكذلك قوله تعالى: {فَالْيَوْمَ لَا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعًا وَلَا ضَرًّا}⁣[سبأ: ٤٢]، وقوله تعالى: {فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ ٥٠}⁣[الصافات]، فإن «يتساءلون» يدل على أن كل واحد كذلك، وقوله تعالى: {اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ}⁣[الأعراف: ٢٤]، فإن كل واحد عدو الآخر؛ ألا ترى أنك لو قلت: كلكم لكل عدو صح. اهـ المراد نقله.


[١] الظاهر الاتحاد؛ إذ كلام الشريف في ليس وكلام المؤلف في لا، فتأمل يظهر. (ح قال: انتهى شيخنا المغربي ادام بالله نفعه).