[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  رجلان، وصح: ما في الدار رجل بل رجلان أو رجال، بخلاف: لا رجل.
  وأما ما روي عن ابن عباس من أن الكتاب أكثر من الكتب، وما ذكره صاحب الكشاف من أن المَلك أكثر من الملائكة - فناظر(١) إلى أن المفرد المعرف بلام الجنس أو الإضافة صالح لأن يراد به الجنس إلى أن يحاط به، أي: يراد كل واحد منه بحيث لا يخرج من آحاده شيء، وأن يراد بعضه إلى الواحد؛ لأن معناه الأصلي - أعني الجنسية المطلقة - باق مع إرادته، والجمع المعرف بذلك صالح لأن يراد به جميع الجنس - أي: كل واحد واحد من أفراده - وأن يراد بعضه ولكن لا إلى الاثنين(٢) والوحد؛ إذ لا يبقى مع إرادة ذلك معناه الأصلي، أعني جنسية الجمع
(قوله): «من أن الكتاب أكثر من الكتب» ذكره في الكشاف عن ابن عباس في قوله تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ ..} إلخ [البقرة: ٢٨٥].
(قوله): «فناظر إلى أن المفرد المعرف بلام الجنس ... إلخ» هذا التأويل مبني على أن المراد بلام الجنس ما يشمل لام العهد الذهني ولام الاستغراق ليصح الحكم بإرادة بعض الجنس منتهياً إلى الواحد، فيكون حاصل تأويل كلام ابن عباس وصاحب الكشاف دفع كون استغراق المفرد أشمل عندهما؛ لأن ما ذكره مبني على أن تعريف الجنس من الجموع يحتمل أن يراد به البعض كما في العهد الذهني فلا يصدق البعض إلا بفرد من الجموع لا من الآحاد، ويحتمل أن يراد به جميع الجنس فيشمل كل واحد واحد من أفراد الجنس، فللاحتمال المذكور كان الكتاب أكثر من الكتب والملك أكثر من الملائكة، لا لأن استغراق المفرد أشمل، فضمير من أفراده في عبارة المؤلف # عائد إلى الجنس، أي: أفراد الجنس.
(قوله): «لأن معناه الأصلي» أي: قبل التعريف، يعني إنما صح إرادة البعض منتهيا إلى الواحد لأنه لم يذهب معناه الأصلي بتلك الإرادة.
(قوله): «والجمع» عطف على المفرد المعرف.
(قوله): «من أفراده» أي: أفراد الجنس.
(١) قال السعد في المطول: ولم يقصد أنه مذهبه، قال السمرقندي: ذكر صاحب الكشاف في قوله تعالى: {وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا}[الحاقة: ١٧]، الملك أكثر من الملائكة، وهذا يدل على أنه مذهبه ومختاره، وهو مشكل.
(٢) بل إلى الثلاثة على الصحيح وإلى الاثنين عند البعض، والحاصل أن الفرق بين الواحد والجمع المعرف أنه يجوز في المفرد أن يراد في جانب القلة البعض إلى الواحد، وفي الجمع إلى الثلاثة؛ لأن المراد به الجنس بصفة الجمع، ولا جمعية في أقل من الثلاثة، وأما في جانب الكثرة فيراد بكل منهما الجنس إلى أن يحاط به، أي: إلى أن لا يبقى فرد من أفراده خارجاً. (سمرقندي). ثم يقال أيضاً: وللأصوليين في جانب القلة مناقشة حيث يقولون: إنه يبطل الجمعية ويبقى الجنس ويتعلق الحكم به قل أو كثر، حتى إذا حلف: لا أتزوج النساء حنث بواحدة، وعليه قوله تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ}[الأحزاب: ٥٢]. اهـ وفي حاشية الحاشية ما لفظه: كذا في شرح الكشاف، والحق أن جعل الجمع المعرف بمعنى الجنس عند الأصوليين على سبيل المجاز عند القرينة المانعة عن إرادة جميع الأفراد كما في المثال المذكور، فإن تزوج نساء جميع الدنيا متعذر كما لا يخفى فليتأمل، وبه صرح في كتب الأصول. (منه قدس سره).