هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 580 - الجزء 2

  المطلقة. أو إلى أن الاستغراق في المفرد إنما هو بتناول كل واحد⁣(⁣١) من أفراده،


(قوله): «أو إلى أن الاستغراق في المفرد» عطف على قوله: إلى أن المفرد المعرف، أي: ناظر إلى أن الاستغراق ... إلخ. الظاهر أن هذا تأويل ثان⁣[⁣١] لكلام ابن عباس وصاحب الكشاف بحمل كلامهما على أنه ليس مبنياً على أن استغراق المفرد أشمل⁣[⁣٢]؛ إذ لو كان مبنياً على ذلك لم يناسبه التعرض من المؤلف عليه لاختلاف حال الجمع المعرف في شموله للآحاد تارة وعدم شموله له أخرى كما ذكره المؤلف # بقوله: فإن كان من الأحكام ... إلخ، لكن في دلالة العبارة⁣[⁣٣] على كونه تأويلا لكلامهما خفاء، ويمكن توجيهها بأن يقال: قصد المؤلف # أنهما أرادا بكون الكتاب والملك أكثر إنما هو بالنظر إلى ما هو القياس على المفرد، يعني فمقتضى القياس أن الكتاب والملك أكثر، وأما بالنظر إلى الثابت في الاستعمال الذي عليه أئمة التفسير فالمراد كل فرد من الآحاد، وقد أشار المؤلف # إلى هذا بقوله: وهذا إنما هو بالنظر إلى مراعات الجمعية فيه - أي: في الاستغراق - وإلا فإن العلماء ... إلخ، هذا ما ظهر في توجيه المقام، واعلم أن المؤلف # نقل هذا الكلام من حواشي المحقق الشريف لشرح التلخيص، لكنه لم يورده تأويلا لكلام ابن عباس ® وصاحب الكشاف، بل ذكره على جهة الفرض وأبطله، فإن قال بعد أن ذكر حكم استغراق المفرد: وأما الجمع فلما دل على الجنس مع الجمعية فلو أجري حاله في استغراقه على قياس حال المفرد كان معناه كل جماعة جماعة لا كل واحد واحد، فإذا نسب إليه حكم كان الظاهر انتسابه إلى كل جماعة، فإن كان من الأحكام التي يكون ثبوتها للجماعة مستلزماً لثبوتها لكل واحد منها فهم من ذلك ثبوته لكل واحد، وإلا كانت الآحاد⁣[⁣٤] باقية على الاحتمال، هذا مقتضى قياسه على المفرد في استغراقه، لكن هذا المعنى يستلزم تكراراً في مفهوم الجمع المستغرق؛ لأن الثلاثة مثلا جمع⁣[⁣٥] فتندرج فيه بنفسها، وجزء من الأربعة والخمسة وما فوقهما، فتندرج فيه أيضاً في ضمنها، [بل نقول: الكل من حيث هو كل جماعة، فيكون معتبراً في الجنس المستغرق، وما عداه من الجماعات مندرج فيه]⁣[⁣٦] فلو اعتبر كل واحدة منها أيضا لكان تكراراً محضاً؛ فلذلك ترى الأئمة يفسرون الجمع المستغرق إما بكل واحد واحد فيكون كالمفرد في استغراقه، كأنه قد بطل عنه معنى الجمعية وصار للجنسية، وإما بالمجموع من حيث هو مجموع كما في قولك: للرجال عندي درهم حيث حكموا بأنه إقرار بدرهم واحد للكل، بخلاف قولك: لكل رجل عندي درهم فإنه إقرار لكل رجل بدرهم، والمعنى الأول أكثر استعمالا من الثاني. وأما نحو قولهم: فلان يركب الخيل وإنما يركب واحداً منها ففي المطول أنه مجاز مثل قولهم: بنو فلان قتلوا فلاناً وإنما قتله واحد منهم. قلت: ففي الجمع المعرف استعمالات: الأول: إفادته الاستغراق كالمفرد. الثاني: إفادته الكل المجموعي. الثالث: إطلاقه على الواحد نحو فلان يركب الخيل ويا هند لا تحدثي الرجال. وهو في الثاني والثالث مجاز لافتقاره إلى قرينة كما صرح به السعد في حواشي شرح المختصر والمؤلف # فيما يأتي في بحث الخلاف في أقل الجمع وفي قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً}⁣[التوبة: ١٠٣]، وأما استغراقه لكل جماعة جماعة فمبني على قول من ذهب إليه فلا يكون استعمالا رابعاً، وقد وسعنا الكلام باستيفاء لما يتعلق بتوضيح المقام، والله أعلم.


(١) في المطبوع: كل واحد واحد.


[١] هو تأويل ثان؛ فلا حاجة إلى قوله: الظاهر. (ح عن خط شيخه).

[٢] بل هو مبني عليه فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٣] لا خفاء في الدلالة فينظر.

[٤] «الآحاد» ساقطة من المطبوع، وأثبتناها من حاشية الشريف على شرح التلخيص.

[٥] في حاشية الشريف: جماعة.

[٦] ما بين المعقوفين من حاشية الشريف.