[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  (لا) الجمع (المنكر) فإنه لا يفيد العموم عند الجمهور(١)، خلافاً لأبي علي الجبائي والحاكم، والمراد به جمع الكثرة، وإنما لم يقيد بها لظهور أن هذا الخلاف لا يتصور في جمع القلة؛ لكونه ظاهراً في العشرة فما دونها بالاتفاق، ولأن شبهة المخالف لا تنتهض فيه كما لا يخفى؛ وذلك (لأنه في الجموع(٢) كرجل في الوحدان) إذ لا يشك في أن رجالاً صالح لكل جماعة على سبيل البدل كما أن رجلاً صالح لكل واحد على سبيل البدل، ورجل ليس للعموم فيما يتناوله من الوحدان فيجب أن لا يكون رجال للعموم فيما يتناوله من الجماعات.
  (ولصحة تفسير: «له عندي عبيد» بثلاثة) لأنها أقل الجمع، ولو كان ظاهراً في العموم لما صح تفسيره بأقل الجمع؛ لأنه بعض المقر به ظاهراً لا كله.
  لا يقال: العدول عن الظاهر لقيام القرينة العقلية، وهو استحالة أن يكون له عنده جميع عبيد الدنيا؛ لأنه يقال: معنى العموم جميع عبيده كما في قولك: «عندي
(قوله): «والمراد به جمع الكثرة» وقد ذكر هذا في شرح الجمع عن بعضهم.
(قوله): «لا يتصور في جمع القلة ... إلخ» قال في شرح الجمع: وكلام الجمهور في الحمل على أقل الجمع محمول على جمع القلة؛ لنصهم على أن جموع الكثرة إنما تتناول أحد عشر فما فوقها، قال: ويخالفه قول الفقهاء: إنه يقبل تفسير الإقرار بدراهم بثلاثة مع أن دراهم جمع كثرة، وكأنهم جروا في ذلك على العرف[١] من غير نظر إلى العرف اللغوي اهـ لكن قد ذكر الشيخ ¦ في حاشية منه على مناهله أن التفرقة بين جمع القلة وجمع الكثرة إنما هو في جانب للزيادة، بمعنى أن جمع القلة مختص بالعشرة فما دونها، وجمع الكثرة غير مختص بالعشرة لا أنه مختص بما فوقها[٢]. قال الدماميني: فينحل الإشكال فيما إذا أقر بدراهم حيث قالوا: يقبل تفسيره بثلاثة، والجواب بأنه مجاز غير سديد؛ إذ يلزم أن يقبل منه التفسير بدرهم واحد؛ لصحة إطلاق الجمع على الواحد مجازاً.
(قوله): «ولأن شبهة المخالف» وهي قوله: والحمل على الجميع حمل له على كل حقائقه.
(قوله): «لا تنتهض فيه» أي: في جمع القلة؛ لأن الجمع المستغرق ليس من حقائق جمع القلة.
(قوله): «وهو استحالة أن يكون له عنده» ضمير له عائد إلى زيد مثلا المقر له، أي: لزيد عنده أي المتكلم جميع عبيد الدنيا.
(١) في الإثبات نحو: جاءني عبيد لزيد. (محلي).
(٢) كذا احتج به في المنتهى على أبي علي، قال ابن أبي الخير: وهذا منه إشارة إلى أنه يوافق في رجل أنه ليس بعام، ومفهوم ما حكى عنه غيره أنه يجعله كرجال في إفادة العموم.
[١] ناظرين إلى أن الأصل براءة الذمة فيحمل على الأقل. (حسن بن يحيى ح).
[٢] فيصح استعماله في العشرة فما دون. (حسن ح).