هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في ذكر العام]

صفحة 609 - الجزء 2

[حكم الفعل المتعدي إذا وقع بعد نفي أو معنى نفي]

  مسألة: (اختلف في) الفعل المتعدي إلى مفعول إذا وقع بعد نفي أو معنى نفي هل يجري مجرى العموم في مفعولاته أم لا؟ (مثل) والله (لا أكلت، وإن أكلت) فعبدي⁣(⁣١) حر، وهذا مثال معنى النفي؛ لاستعماله في موضع اليمين التي للمنع.

  (فالجمهور) كالشافعية وأبي يوسف من الحنفية وأكثر أصحابنا (على أنه عام في مفعولاته فيقبل التخصيص بالنية) فإذا قال: أردت أكل العنب مثلاً قبل منه.

  (وقيل:) إنه (غير عام) في مفعولاته فلا يقبل تخصيصاً، فلو خصصه بمأكول لم يقبل منه؛ لأن التخصيص من توابع العموم، وهذا مذهب أكثر الحنفية والمؤيد بالله⁣(⁣٢) من أئمة الزيدية.


(قوله): «الفعل المتعدي» المحذوف متعلقة غير المذكور معه مصدره.

(قوله): «لاستعماله في موضع اليمين التي للمنع» قد نقل عن بعضهم في وجه عموم النكرة في الشرط المثبت أن الحلف فيه على نفيه، أي: نفي مضمونه، ففي قولك: إن كلمت رجلا فعبدي حر⁣[⁣١] المحلوف عليه نفي الكلام؛ لأنه المطلوب من الحلف⁣[⁣٢]، فهو في معنى لا كلام البتة؛ فبهذا الاعتبار كان رجلا نكرة في سياق النفي. فأما الشرط المنفي فلا عموم للنكرة فيه، كإن لم أكلم رجلا فعبدي حر؛ لأن الحلف في الشرط المنفي على الإثبات، أي إثبات مضمون الشرط، ولا عموم لما في الإثبات من غير قرينة العموم، وكأنه قيل في المثال: لأكلمن رجلا.

(قوله): «فلا يقبل تخصيصاً» هذا تنبيه على ثمرة الخلاف ومرجع النزاع، قال في الحواشي وشرح الجمع: إذ لا نزاع في أنه يحنث بكل مأكول على ما هو قضية العموم، إلا أنه عندنا عام لفظي وعند أبي حنيفة عام عقلي؛ لأن النفي والمنع لحقيقة الأكل، وهي شيء واحد فلا تتجزأ بحسب الإرادة وإن لزم منه النفي والمنع لجميع المأكولات. والمراد بالتخصيص هو التخصيص بالنية، وأما التخصيص باللفظ عند حذف المتعلق فاتفاق في الجميع، أي: في المفعول به وغيره؛ لأن المخصص اللفظي قرينة على تقدير المحذوف، نحو إن أكلت إلا عنباً أو إلا يوم الجمعة أو إلا في المسجد فعبدي حر، فالمستثنى منه في جميع ذلك عام كما قرر في موضعه، ذكره في الفصول وشرحه للشيخ العلامة |.


(١) فإنه للمنع من الأكل إذ انتفاء الحرية مطلوب بانتفاء الأكل. (قسطاس).

(٢) في أحد قوليه.


[١] عبارة السعد: قوله: أو ما في معناه يعني النكرة الواقعة في الشرط المستعمل في موضع اليمين التي للمنع، مثل إن أكلت فأنت طالق، فإنه للمنع عن الأكل؛ إذ انتفاء الطلاق مطلوب، وذلك بانتفاء⁣[⁣٠] الأكل، فهو في معنى لا آكل البتة، ففي كلام المحشي هذا ما لا يخفي من القلق. (ح عن خط شيخه).

[٠] في المطبوع: لانتفاء. والمثبت من حاشية السعد.

[٢] هذه عبارة ابن الهمام، إلا أنه لم يكن في عبارته قول المحشي: فهو في معنى لا كلام البتة، وهو الصواب، يعني حذف فهو في معنى ... إلخ. (ح عن خط شيخه).