هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 611 - الجزء 2

  فإن بعض الشافعية ذكر صحة التخصيص في الأزمنة والأمكنة ونقل في ذلك نصاً للشافعي⁣(⁣١) ¦.

  (وأما نحو: لا آكل أكلاً⁣(⁣٢)) وإن أكلت أكلاً (فقابل) للتخصيص بالنية (اتفاقاً).

  واستبعدت التفرقة بين هذا وبين ما تقدم؛ لأن مفهومهما متحد لا يختلف إلا بالتأكيد وعدمه، والتأكيد تقوية مدلول الأول من غير زيادة.

  وفرق بعضهم بأن المفعول المطلق متعلق للفعل كغيره من المتعلقات، فكما أنه إذا قال: والله لا أكلت تمراً، ولا صمت يوماً، ولا دخلت داراً، يصح منه التخصيص بالاتفاق كذلك إذا قال: لا أكلت أكلاً، بخلاف ما إذا حذفت المتعلقات فإن الفعل لا إشعار له بشيء منها.

  وبعضهم بأن «أكلاً» فيه تنكير صريح⁣(⁣٣) وقد يقصد به عدم التعيين لما هو متعين مخصوص في نفسه نحو: رأيت رجلاً وهو متعين عند المتكلم لكنه لا يتعرض له في تعبيره، فإذا فسر بذلك وخص بأكل التمر كان تعييناً لأحد محتمليه فقبل، بخلاف: «لا آكل» فإنه لنفي الحقيقة، وتخصيصه تفسير له بما لا يحتمله.


(قوله): «فإن بعض الشافعية» ذكره في شرح الجمع عن عبدالوهاب.

(قوله): «فقبل» أي: قبل تخصيصه.


(١) ذكره الأسنوي في شرح منهاج البيضاوي.

(٢) قد يقال: إن التأكيد بالمصدر مع حذف المفعول الذي ذكره تأسيس قرينة على القصد إلى حقيقة الأكل؛ لأنه لو لم يقصد إلى الحقيقة لما ذكر ما يكون مؤكداً وحذف ما يكون مؤسساً، بخلاف ما إذا لم يؤكد فلا قرينة. (من خط قال فيه: اهـ شيخنا).

(٣) وإنما قيد التنكير بالصريح لأن المصدر الذي في ضمن الفعل أيضاً فيه تنكير لكن تنكيره ليس صريحاً فلا يجوز تخصيصه بمصدر معين بالنية؛ لعدم احتمال اللفظ له. (أبهري).