هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 622 - الجزء 2

  ومنها: أن قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ}⁣[الطلاق: ١] نداء له وأمر للكل فكما جاز تخصيصه بالنداء عند أمر الكل جاز تخصيصه بالأمر عند أمر الكل.

  ومنها: قوله تعالى: {لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ}⁣[الأحزاب: ٣٧]، حيث أخبر أن الإباحة له تشمل الإباحة للأمة في تزوج أزواج الأدعياء⁣(⁣١).

  ومنها: قوله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ}⁣[الأحزاب: ٥٠]، و {نَافِلَةً لَكَ}⁣[الإسراء: ٧٩]، فلو كان الاختصاص مستفاداً من نفس الخطاب لكان ذلك غير مفيد⁣(⁣٢).

  والجواب عن الأول بالمنع، فإنه احتجاج بمحل النزاع.

  وعن الثاني: بأن ذكر النبي عليه الصلاة والسلام بالنداء أولاً للتشريف، والخطاب بالأمر للجميع، لا أن النداء للجميع، على أن في الآية ما يدل على أن خطابه ليس خطاباً للأمة وإلا لما احتيج إلى قوله: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ}⁣(⁣٣) [الطلاق: ١]، لكون «إذا طلقت فطلقهن» كافياً للأمة مع مناسبته لما قبله، ومنه يؤخذ الجواب عن الثالث. وعن الرابع بمنع عدم الفائدة؛ فإن الخطاب وإن لم يدل على العموم فلا يدل على عدم العموم، بل هو محتمل لهما، وهذا يقطع احتمال العموم⁣(⁣٤)، وفائدته أنه لا تلحق الأمة به قياساً كما كانت تلحق به من دون


(قوله): «فكما جاز تخصيصه بالنداء» يعني والمراد الكل.

(قوله): «خالصة لك» بعد قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ...} إلى قوله: {إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ}⁣[الأحزاب: ٥٠].

(قوله): «ونافلة لك» بعد قوله: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ}⁣[الإسراء: ٧٩].

(قوله): «وإلا لما احتيج إلى قوله: طلقتم» وقد يقال جيء به بياناً لمعناه ودفعاً للاحتمال.


(١) لا تزوج زينب كما فهم. (فصول بدائع).

(٢) لأن الاختصاص والخلوص على تقدير عدم العموم ثابت بالخطاب الخاص. (شرح تحرير).

(*) واللازم باطل؛ لامتناع اللغو في كلامه تعالى. (عضد).

(٣) لقائل أن يقول: أتى بخطاب الجمع لمنع احتمال الخصوص.

(٤) عبارة فصول البدائع: ورابعاً قوله تعالى: {خَالِصَةً لَكَ}⁣[الأحزاب: ٥٠]، و {نَافِلَةً لَكَ}⁣[الإسراء: ٧٩]، قيل: يجوز أن يكون لقطع احتمال العموم حتى لا تقاس الأمة عليه، لا لقطع العموم المفهوم. قلنا: خلاف الظاهر؛ لأن ظاهر التخصيص دفع العموم لا دفع احتماله.