[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  يكون قبل وصوله إلى المبلَّغ إليه، فلا بد من المغايرة.
  والجواب(١): أنا لا نسلم أنه آمر أو مبلغ (و) حينئذ (لا يلزم أن يكون آمراً مأموراً أو مبلِّغاً مبلَّغاً؛ إذ الآمر الله) ø (والمبلغ جبريل) #، والنبي ÷ حاك لتبليغ جبريل ما هو داخل(٢) فيه من أوامر الله تعالى.
  قالوا ثانياً: النبي ÷ قد خص بأحكام كثيرة(٣)، وذلك يدل على علو مرتبته وانفراده عن الأمة بالأحكام التكليفية، فلا يكون داخلاً في الخطاب المتناول له بحسب اللغة.
  والجواب: أن انفراده (وتخصيصه بأحكام بخارج) من الأدلة لا يوجب خروجه عن عمومات الخطاب كالمريض والمسافر، والعبد والمرأة والحائض فإن خروجهم عن عمومات مخصوصة لا يوجب خروجهم عن العمومات مطلقاً.
  (وقيل: لا يشمله إن صدر بنحو قل(٤)) يعني إن كان مأموراً في أول الخطاب بـ «قل» مثل: {قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ}[الأعراف: ١٥٨] أو نحوها مثل: «بلغ» وما أشبه ذلك لم يشمل الرسول، وإلا شمله، وإليه ذهب أبو بكر الصيرفي وتبعه الحَلِيْمي من
(قوله): «عن عمومات الخطاب» أي: عن سائر عمومات الخطاب.
(١) عبارة شرح المختصر للأصفهاني: أجاب أنه مبلغ أمته بما ورد على لسانه من خطاب جبريل، وليس مبلغاً لنفسه بما ورد على لسانه، بل بما سمعه من خطاب جبريل #.
(٢) وهو المراد بـ «بلغ»؛ إذ الحكاية تبليغ آخر. (فصول بدائع).
(٣) من وجوب أشياء، نحو ركعتي الفجر، وصلاة الضحى والأضحى، وكالوتر والتهجد، والسواك، وتخيير نسائه فيه، والمشاورة، وتغيير المنكر، ومصابرة العدو الكثير، وقضاء دين الميت المعسر. وتحريم أشياء كالزكوات، وخائنة الأعين المفسرة بالإيماء إلى مباح من قتل أو ضرب على خلاف ما يظهر؛ سمي بذلك لأنه يشبه الخيانة من حيث إنه يخفى، وكصدقة التطوع، ونزع لأْمَتِهِ حتى يقاتل، والمن استكثاراً. وإباحة أشياء كالنكاح من غير شهود وولي، وبلا مهر، والزيادة على أربع نسوة، والتزوج بلفظ الهبة، وصوم الوصال، وصفي المغنم، وخمس الخمس.
(٤) مثل: «اكتب إليهم، أو بلغهم، أو مرهم» أو نحو ذلك مما يتضمن القول.
(*) وفي حاشية: نحو: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ}[طه: ١٣٢]. (من خط السيد العلامة عبدالقادر بن أحمد).