[فصل في التخصيص]
  إطلاقاتهم يوهم أنهم يجعلون هذا الحكم عاماً في الاستثناء وغيره، ولكن كلامهم في الاستثناء يرفع ذلك الإيهام، وعليك بتأمل كلام أبي الحسين في المعتمد والإمام يحيى في المعيار والغزالي في المستصفى والرازي في المحصول والمنتخب وغيرهم تجدهم مصرحين في باب الاستثناء بما ذكرنا.
  (وجوز) التخصيص (إلى) أن يبقى (ثلاثة(١)) وهو مذهب القفال من الشافعية في الجموع المحلاة بلام الاستغراق نحو: الرجال والمسلمين، وأما في غيرها فيجوز(٢) إلى واحد كالمذهب الآخر.
  (و) بعضهم جوزه (إلى اثنين) سواء كانت الصيغة جمعاً أو لا، حكاه ابن برهان وغيره، لا إلى الواحد فلا يجوز.
  (و) بعضهم جوزه (إلى واحد) مطلقاً(٣)، وإنما الممنوع أن يكون التخصيص مستغرقاً، وهو مذهب الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وحكاه الجويني في التلخيص عن معظم أصحاب الشافعي، قال: وهو الذي اختاره الشافعي، وإليه ذهب الشيخ
(قوله): «إلى اثنين سواء كانت الصيغة جمعاً أو لا» قيل: لا يصح قول المؤلف: «أو لا»[١] بما يأتي من أن بناء هذين المذهبين على أقل الجمع.
(١) الفرق بين الأول والثاني وما بعده: أنه لو قال: أكرم أهل بغداد العلماء وأراد ثلاثة صح، بخلاف لو لم يذكر العلماء وأراد ثلاثة؛ لأن العلماء غير محصور، وثلاثة محصور.
(٢) قال الرازي في المحصول ما لفظه: اتفقوا في ألفاظ الاستفهام والمجازاة على جواز انتهائها في التخصيص إلى الواحد، واختلفوا في الجمع المعرف بالألف واللام فزعم القفال أنه لا يجوز تخصيصه بما هو أقل من الثلاثة، ومنهم من جوز انتهاءه إلى الواحد، ومنع أبو الحسين من ذلك في جميع ألفاظ العموم، وأوجب أن يراد بها كثرة وإن لم يعلم قدرها، إلا أن تستعمل في حق الواحد على سبيل التعظيم والإبانة بأن ذلك الواحد يجري مجرى الكثير، وهو الأصح.
(٣) سواء كانت الصيغة جمعاً أو لا. (شرح برماوي).
[١] لا منافاة بين بناء المذهبين على ذلك وكون اسم الجنس المستغرق يبنى على أقل الجمع؛ لأن المراد أن العموم مطلقا يبنى على أقل الجمع كما سيأتي، وهو أعم من الجمع المعرف، واسم الجنس كذلك، فلا يصح اعتراض القائل بذلك، وهو ظاهر. (ح عن خط شيخه).