هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 669 - الجزء 2

  الطرف الآخر⁣(⁣١).

  ولا وجه لقوله: وإن كان بمتصل غيرهما كالصفة والشرط جاز إلى اثنين؛ للقطع بصحة قولنا: من جاءك من أهل المدينة فأكرمه إن كان عالماً مع أن العالم فيها واحد، وهذا لا ينافي قول الأكثر؛ لأن العبارة ليس فيها دلالة على أن الباقي محصور، ووحدته المفروضة وقعت بالاتفاق⁣(⁣٢).

  (وأما) التخصيص (بالاستثناء فسيأتي) أنه إنما يشترط فيه عدم الاستغراق، فيجوز إلى واحد.

  (لنا) في الاستدلال على ما اختاره الأكثر أنا نقطع بأنه (لو قال) قائل: (قتلت كل من في المدينة ولم يقتل إلا ثلاثة⁣(⁣٣)) أو أربعة (عد لاغياً) في قوله (مخطئاً⁣(⁣٤)) فيه عند أهل اللغة، وكذلك يعد لاغياً مخطئاً من قال: أكلت كل رمانة في البستان ولم


(قوله): «وقعت بالاتفاق» أي: من غير دلالة للعبارة عليه.

(قوله): «مخطئا» بعد قوله: «لاغياً» إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن اللغو لا ينافي الصحة كما ذكره في الحواشي.


(١) وهو أنه إن كان في غير محصور أو في عدد كثير فالمذهب الأول، والبرهان الذي ذكره عليه هو ما قال: لنا: لو قال: قتلت كل من في المدينة ولم يقتل إلا ثلاثة نفر عد لاغياً ومخطئاً، وكذلك لو قال: أكلت كل رمانة في البستان ولم يأكل إلا ثلاثاً، وكذلك لو قال: كل من دخل داري فهو حر وكل من أكل فأكرمه وفسره بثلاثة فقال: أردت زيداً وعمراً وبكراً عد لاغياً ومخطئاً. اهـ وفي حاشية ما لفظه: قد اكتفى في سائر دعاويه بالاحتجاج عن أصحابها على ما نقل، أو جعل الأمثلة التي ذكرها حججاً عليها بادعاء صحتها عرفاً على ما فصله الشارح، والمصنف لم يتعرض لها لظهورها. (ميرزاجان).

(٢) يعني حيث قال: أكرم العلماء فلا يرد الحصر في واحد، لكن جاء الواحد اتفاقاً، يعني على سبيل الاتفاق.

(٣) وعلم ذلك بدليل منفصل كالحس، وقس عليه ما بعده. (ميرزاجان).

(٤) كأنه يشير إلى دفع ما يتوهم من أن اللغو لا ينافي الصحة. (سعد) يريد أنه إنما قال: «مخطئاً» بعد قوله: «عد لاغياً» للإشارة إلى دفع ما يتوهم من أن اللغو لا ينافي الصحة، ولقائل أن يقول: ظاهر هذا الكلام أن اللغو مناف للصحة، وإلا لم يكن هذا إشارة دفع ما يتوهم من إلى أن اللغو لا ينافي الصحة، لكنه ليس كذلك؛ إذ لو كان اللغو منافياً للصحة لكان اللغو مستلزماً لعدم الصحة؛ لأن أحد المتنافيين يجب أن يكون مستلزماً لنقيض الآخر، ومعلوم أن عدم الصحة هو الخطأ، فيكون اللغو مستلزماً للخطأ، وإذا كان اللغو مستلزماً للخطأ كان ذكر الخطأ بعده تكراراً، بل إنما ذكر الخطأ بعد ذكر اللغو تنبيهاً على أن اللغو لا ينافي الصحة ولا يستلزم الخطأ، فوجب ذكر الخطأ بعد ذكر اللغو ليكون جمعاً بينهما. (جواهر).