[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]
  (فقيل: المستثنى(١)) وهو ما بعد آلة الاستثناء (غير داخل) في المستثنى منه (والاستثناء قرينته) فيكون المراد بعشرة في قولك: «علي عشرة إلا ثلاثة» إنما هو سبعة، وإلا ثلاثة قرينة(٢) لإرادة السبعة(٣) من العشرة إرادة الجزء باسم الكل كما في التخصيص بغير الاستثناء، كأن يقال: «لا تقتلوا أهل الذمة» فإنه مبين للمراد من المشركين في قوله: «اقتلوا المشركين»، وهذا مذهب الجمهور.
(١) لفظ الاستعداد للموزعي: المسألة الأولى: أورد إشكال بأن المستثنى في مثل قولك: «قام القوم إلا زيداً» لا يخلو إما أن يكون قد دخل المستثنى منه أو لا، فإن لم يدخل فكيف يصح إخراجه؟ وعدم خروجه باطل؛ لإجماع أهل العربية على أنه إخراج كما ذكرنا، وإن كان قد دخل فقد تناقض أول الكلام وآخره، وذلك يؤدي إلى وقوع الكذب في أحد طرفي الكلام، وهذا باطل؛ لاشتمال القرآن عليه، فحينئذ ذهب القاضي إلى أنه لا إخراج في ذلك، بل المستثنى والمستثنى منه وضعاً لمعنى واحد، وهو ما يفهم الكلام آخراً، فهو كالاسم المركب، فيصير للسبعة عنده اسمان أحدهما مفرد وهو سبعة، والآخر مركب وهو قوله: عشرة إلا ثلاثة، ويصير الاستثناء على قوله ليس بتخصيص. اهـ كلامه.
وقول الحنفية كقوله، أي: القاضي، ولما رأى ابن الحاجب ما في هذا من نفي الإخراج الذي أجمع عليه أهل العربية ذهب إلى أن اللفظ المستثنى منه أريد به جميع أفراده، ولا يحكم المستثني - يعني بصيغة الفاعل - بالإسناد إليه إلا بعد أن يخرج منه ما يريد إخراجه، فبعد الإخراج يحكم بالإسناد فإذا قال: «قام القوم إلا زيداً» فقد أراد جميع أفراد القوم، ولكن لا يحكم بإسناد القيام إلا بعد إخراج زيد منهم، ففي اللفظ أسند القيام إلى جميع القوم، وفي المعنى أسند إلى بعضهم، فكأنه قال: «القوم إلا زيداً قاموا». وقال - يعني ابن الحاجب -: إن هذا توفية بإجماع النحويين؛ فإن الإخراج حاصل بالنسبة إلى المفردات، وإن فيه توفية بعدم التناقض، فإنك ما نسبت إلا بعد أن أخرجت زيداً، فعلى قوله ليس الاستثناء مبيناً للمراد باللفظ العام، وإنما عنده يحصل البيان لأنه يحصل البيان ويصير الاستثناء عنده ليس بتخصيص. والذي ذهب إليه الأكثرون أن المراد باللفظ العام بعضه، وأطلق الكل وأريد به الجزء وأسند الحكم إليه، فعلى هذا الاستثناء مبين لغرض المتكلم بالمستثنى منه، ويصير الاستثناء مخصصاً، والله أعلم. (من الاستعداد للموزعي ¦). والله أعلم.
(٢) تدل السامع على مراد المتكلم.
(٣) وعلى هذا فالاستثناء مبين لغرض المتكلم بالمستثنى منه، فإذا قال: «علي عشرة» كان ظاهراً في الجميع، ويحتمل إرادة بعضها مجازاً، فإذا قال: «إلا ثلاثة» فقد بين أن مراده بالعشرة سبعة فقط كما في سائر التخصيصات، واستنكر إمام الحرمين هذا القول وقال: إنه محال[١] لا يعتقده لبيب. (شرح ألفية البرماوي).
[١] في المطبوع: مجاز. والمثبت من شرح ألفية البرماوي والبرهان لإمام الحرمين الجويني.