[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  العرب (كثيرة) جداً، على أن ما يفهمه(١) السامع قبل القرينة أعني الاستثناء هو الكل، والذي أطلق مجازاً على نصف الجارية هو الجارية المقيدة لا المطلقة كـ: «اشتريت جارية نصفها للغير»، فما لم يتم التقييد بقيام القرينة يكون الملاحظ المعاني الوضعية؛ فلذا رجع الضمير إلى كمال الجارية.
  وبما ذكرنا يتحقق(٢) أن الاستثناء إخراج بعض من كل كما أجمع عليه، وأن العشرة نص في مدلوله، وأن فيه رعاية وضع الإخراج والمخرِج والمخرَج عنه، وليس مثل جعلوا أصابعهم في آذانهم إلا أصولها كذلك(٣)؛ لأن الاستثناء وإرجاع الضمير بعد تمام القرينة.
(قوله): «كثيرة جداً» من ذلك عود الضمير المفرد إلى لفظ من وما وإن كان المدلول مؤنثاً أو جمعا ونحو ذلك.
(قوله): «هو الجارية المقيدة» قد تقدم في الرد على الكرخي أن الدال على البعض هو لفظ العموم فقط والقيد قرينة[١]، ولعله يقال: ذلك إلزام بما هو المختار.
(قوله): «وبما ذكرنا يتحقق أن الاستثناء إخراج ... إلخ» إذ الإخراج بالنظر إلى ظاهر اللفظ وما يفهمه السامع من دخول المستثنى في المستثنى منه.
(قوله): «وإن فيه رعاية وضع الإخراج» أي: بقاء الإخراج على معناه الحقيقي وعدم تأويله بأن المراد به المنع عن الدخول كما ذكره السعد، وقد تقدم؛ وذلك لأن المستثنى داخل في المستثنى منه بالنظر إلى ظاهر اللفظ، فقد تحقق الإخراج. وكذلك المخرج - وهو الثلاثة - داخلة في العشرة، فقد تحقق أنها مخرجة.
(قوله): «وليس مثل: {جَعَلُوا أَصَابِعَهُمْ فِي آذَانِهِمْ}[نوح: ٧] إلا أصولها» خبر ليس قوله: كذلك، أي: ليس مثل ما نحن فيه؛ لوقوع القرينة في هذا المثال قبل الاستثناء، وهي قوله: «في آذانهم»؛ لامتناع دخول الأصول في الآذان، فالمراد بالأصابع قبل الاستثناء رؤوسها، ولعل الاستثناء يكون منقطعاً فلا تخصيص، وأما اشتريت الجارية إلا نصفها فالمراد قبل الاستثناء كمالها؛ لعدم تقدم القرينة.
(١) قوله: على أن ما يفهمه السامع ... إلخ» الظاهر أن الإتيان بالعلاوة التي هي في قوة قوله: مع أن ما يفهمه ... إلخ أن المفهوم أولاً من قوله: إلى ظاهر اللفظ اعتبار مجرد ظاهر اللفظ من دون نظر إلى المعنى والمفهوم، والمراد من قوله: ما يفهمه ... إلخ هو اعتبار المعنى، فتغايرا وصح التعبير بالعلاوة، والله أعلم. (من خط السيد صفي الدين أحمد بن إسحاق ¦).
(٢) من مراعاة جانب اللفظ.
(٣) أي: كما نحن فيه، وهو: «شريت الجارية إلا نصفها».
[١] هو هنا كذلك فتأمل. (ح عن خط شيخه).