هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 685 - الجزء 2

  ومنها: أن أهل العربية أجمعوا على أن الاستثناء إخراج بعض من كل، ولو أريد الباقي من الجارية لم يكن ثمة كل وبعض وإخراج.

  (و) أجيب: بأنه (لا) يلزم (مخالفة الإجماع على أنه إخراج؛ إذ هو إخراج ظاهراً) يعني أن الاستثناء على هذا القول إخراج بحسب ما يظهر لسامع⁣(⁣١) المستثنى منه قبل سماعه للقرينة؛ ولذا قال السكاكي حين ورد عليه: إنه إذا أريد بالعشرة التسعة في قولك: «علي لزيد عشرة إلا واحداً» لم يدخل الواحد فيها فلم يكن إخراجاً: إن دخول الواحد في حكم العشرة ليس مقدراً من قبل المتكلم بحسب إرادته، وإلا ناقض آخر كلامه أوله، بل من قبل السامع؛ لتناول العشرة الواحد بحسب الوضع، على أن هذا الوجه يضمحل⁣(⁣٢) بما ذكر في الجواب على الوجه الأول كما نبهناك عليه.

  ومنها: أن هذا القول مبطل للنصوص؛ إذ ما من لفظ متعدد المعنى⁣(⁣٣) إلا والاستثناء لبعض مدلوله ممكن فيكون المراد هو الباقي، فلا يبقى نصاً في الكل، ونحن نعلم أن نحو عشرة نص في مدلوله.


(قوله): «ومنها» أي: من الوجوه التي أبطل بها هذا القول.

(قوله): «بحسب ما يظهر لسامع المستثنى منه» فإن المستثنى داخل في المستثنى منه بحسب اعتقاد السامع، وذلك كاف في تحقق الإخراج كما عرفت.

(قوله): «ولذا قال السكاكي» سيأتي مقول قول السكاكي، وهو إن دخول الواحد في حكم العشرة.

(قوله): «ليس مقدراً من قبل المتكلم» لأنه لم يرد إلا الباقي لا الكل كما نبهناك عليه حيث قال المؤلف⁣[⁣١] #: وبما ذكرنا يتحقق أن الاستثناء إخراج بعض من كل كما أجمع عليه ... إلخ.


(١) الإخراج الحقيقي لا يقتضي إلا دخولاً مطلقاً أعم من أن يكون من قبل المتكلم أو من قبل السامع. (جواهر تحقيق).

(٢) وفي نسخة: مضمحل. اهـ يحترز عن لفظ الله.

(٣) وفي حاشية: قيده بذلك لئلا يرد عليه ما أورده سعد الدين على العضد من النقض بلفظ الله، ولو قال: مركب المعنى لكان صواباً، وذلك ظاهر. (من خط السيد حسين الأخفش).


[١] وفي حاشية: وقيل: في قوله: على أن ما يفهمه السامع قبل القرينة ... إلخ، والله أعلم. (السيد أحمد بن إسحاق).