هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 689 - الجزء 2

  والمعاني الإفرادية ليست مهجورة في الموضوعات النوعية، فانتفى الإيراد الأول؛ لأنه لا تركيبٌ مزجيٌ فيه، وإعراب جزئه الأول كإعراب المبتدأ مع الخبر، والإخراج حاصل⁣(⁣١)؛ وبهذا يندفع أيضاً ما أورد من إبطال نصوصية العشرة مثلاً في مدلولها؛ لأن الإيراد مبني على أنها تصير مهملة في التركيب، وقد علمت بطلانه.

  وأما النقض⁣(⁣٢) بنحو: «تأبط شراً، وبرق نحره» وبنحو: «أبي عبدالله» فليس بشيء⁣(⁣٣)؛ لأن الأول من باب الحكاية، فالتركيب غير مقصود فيه، بل هو منثور نثر أسماء العدد، فليس ما نحن فيه كذلك.


(قوله): «كإعراب المبتدأ مع الخبر» إنما خصه لمشابهته لما نحن فيه؛ لأن للمبتدأ إعرابا وهو في صدر الجملة.

(قوله): «وأما النقض بنحو تأبط شراً» مما سمي به وهو مركب من ثلاث كلمات.


(١) فلا يرد الثالث من مخالفة الإجماع.

(٢) أي: نقض كونه خروجاً عن قانون اللغة.

(*) في حاشية السعد: اعلم أنه لا نزاع في التركيب من ثلاثة ألفاظ فصاعداً بطريق الإضافة وإجراء الإعراب المستحق على كل من تلك الألفاظ، مثل: أبي عبدالله وأبي عبدالرحمن، ولا بطريق الحكاية وإبقاء الألفاظ على ما كانت عليه من الإعراب والبناء، مثل: «برق نحره، وتأبط شراً»، والتسمية بزيد منطلق أو ببيت من الشعر أو بـ «ألم» ونحو ذلك منثورة نثر أسماء الأعداد من غير إعراب، وإنما الكلام في التسمية بثلاثة ألفاظ فصاعداً إذا جعلت اسماً واحداً على طريق حضرموت وبعلبك من غير أن يلاحظ فيها الإعراب والبناء الأصليان، بل يكون بمنزلة زيد وعمرو يجري الإعراب المستحق على حرفه الأخير، وهذا ليس من لغة العرب بلا نزاع، صرح بذلك صاحب الكشاف في بحث أسماء السور، ولا خفاء في أن عشرة إلا ثلاثة إذا جعل اسماً للسبعة كان الإعراب المستحق في صدره ولم يكن محكياً على أصل منقول عنه إذ يختلف إعراب العشرة بحسب العوامل، فكان مما اتفقوا على أنه ليس من لغة العرب، هذا تحقيق الحق في هذا الكلام.

(*) يريد والله أعلم أنه لا يجاب عن هذا الإيراد بأنه قد وجد التسمية بثلاثة ألفاظ؛ لأنه يقال: الفرق بين ما نحن فيه وبرق نحره وتأبط شراً أن ما نحن فيه لا تهمل فيه معاني المفردات، وما ذكر قد أهملت فيه معاني المفردات، وأبي عبدالله مضاف، والإيراد هنا في غير المضاف، والله أعلم. (السيد الصفي أحمد بن إسحاق |).

(٣) فإن قيل: إنه لو أريد بالثلاثة واحد وعبر بها عنه لحكي كما حكي تأبط شراً، ويلزم آخره إعراباً واحداً كما لزم الجر في بأبي عبدالله، فأجاب أنه لا حكاية ولا إضافة حتى يلزم إعراباً واحداً.