هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 691 - الجزء 2

  لموافقة كل من القولين؛ وذلك لأن المراد من قولك⁣(⁣١): «علي عشرة إلا ثلاثة» هو السبعة قطعاً، فإن كان باعتبار أنها مدلول مجازي فهو الأول، وإلا فهو الثاني.

  وتحقيق المقام: أن الأول جعل الاستثناء قرينة على أن المراد هو السبعة، والثاني⁣(⁣٢) جعله جزءاً من الدال على المراد، والثالث جعله قيداً⁣(⁣٣) فاحتمل كونه قرينة أو جزءاً، إلا أن اعتبار المقيد من حيث هو مقيد أقرب إلى اعتبار المجموع من اعتباره في ذاته وهو مقيد؛ ولذا حكموا على الأخيرين بأنه حقيقة فيهما⁣(⁣٤) كما


(قوله): «أن الأول جعل الاستثناء قرينة» لتصريحه بذلك كما تقدم، فلا يضر ما ذكره المؤلف # في تقرير المذهب الأول وحيث ذكر أن المجاز هو الجارية المقيدة وحيث قال: فما لم يتم التقييد.

(قوله): «والثالث» فإنه جعل الاستثناء قيداً لا قرينة حيث ذكر أن المراد بالعشرة في قولك: علي له عشرة إلا ثلاثة هو معنى عشرة قبل الإسناد، فقوله: إلا ثلاثة ليست قرينة؛ إذ العشرة عنده حقيقة، ولا جزأ؛ إذ السبعة مرادة عنده من العشرة فقط⁣[⁣١].

(قوله): «إلا أن اعتبار المقيد» وهو العشرة المقيدة بالاستثناء كما في المذهب الثالث.

(قوله): «من حيث هو مقيد» أي: من حيث التقييد بإلا ثلاثة «أقرب إلى اعتبار المجموع» كما في المذهب الثاني؛ وذلك لأن القيد مع اعتبار الحيثية صار كالجزء للمقيد الذي لا يتم الكل إلا به.

(قوله): «من اعتباره» أي: المقيد «في ذاته» أي: بالنظر إلى نفسه.

(قوله): «وهو مقيد» أي: والحال أنه مقيد، وذلك كما في المذهب الأول؛ لأنه اعتبر فيه استعمال العشرة في السبعة مجازاً بالنظر إليها نفسها لكن حال كونها مقيدة بإلا ثلاثة؛ لأنه هو القرينة، فليس قرب هذا الاعتبار من المجموع كقرب الاعتبار الأول منه. قلت: لكن ينظر لم اعتبر قيد الحيثية في الثالث دون الأول؟ ولعله يقال: التجوز بالعشرة كما في القول الأول ليس من حيثية التقييد بالاستثناء، بل من حيث علاقة الكلية والجزئية، وأما القول الثالث فالعشرة فيه باقية على معناها، فلا بد لدفع التناقض والكذب من اعتبار الحيثية فتأمل، والله أعلم.

(قوله): «ولذا حكموا» أي: ولأجل أن الاستثناء في القول الثاني جزءاً لا قرينة وفي القول الثالث قريباً من الجزئية لا قرينة على التجوز أيضاً حكموا بأنه أي المستثنى منه⁣[⁣٢] حقيقة فيهما، أي: الثاني والثالث جميعاً.


(١) في نسخ: في قولك.

(٢) في جواهر التحقيق في سياق تفسير كلام العضد ما لفظه: وبأن يحمل المذهب الثاني - وهو مذهب القاضي - على أن⁣[⁣٣] المجموع حقيقة في السبعة، بمعنى أنه عبر عنها بالمركب كما يعبر عن النوع بالأجزاء العقلية من الجنس والفصل أو الخارجية، ويعبر عن الإنسان بالحيوان الناطق والبدن والنفس، وكما يعبر عن الشيء بلازمه المركب، فيعبر عن السبعة بأنها أربعة وثلاثة لا بمعنى أن المجموع وضع لها وضعاً واحداً وجعل اسماً لها. اهـ المراد نقله والله أعلم.

(٣) وفي شرح جحاف على الغاية: فيعلم أن جعل القيد ... إلخ الحاشية المارة فتأمل.

(٤) لكن قد سبق عن ابن الحاجب أنه مجاز فينظر.


[١] ينظر في قوله: فقط.

[٢] الأولى أنه أي المجموع. (ح).

[٣] في المطبوع: على المجموع. والمثبت من جواهر التحقيق.