[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  طال الزمان من غير تعيين، ومنهم من نقل عنه أنه يجوز تراخيه إلى سنة، ومنهم من نقل عنه إلى شهر، والأشهر في النقل عنه الإطلاق من غير تقييد.
  قال سعيد بن منصور: حدثنا أبو معاوية(١) قال: حدثنا الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس أنه كان يرى(٢) الاستثناء ولو بعد سنة، وذلك (كالتخصيص بغيره) يعني أن الحجة فيما نقل عن ابن عباس القياس على التخصيص بغير الاستثناء من سائر المخصصات المنفصلة بجامع التخصيص (وهو منقوض بسائر المتصلات)
(قوله): «وهو منقوض» هذا على القول باشتراط اطراد العلة، وهو المختار.
= وعالمها الذي فقهه الله في الدين وعلمه التأويل، وما أكثر ما ينقل الناس المذاهب الباطلة عن العلماء بالأفهام القاصرة. اهـ كلامه بلفظه.
(*) وفي تاريخ بغداد لابن النجار في أثناء حرف الشين المعجمة أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي أراد الخروج مرة من بغداد فاجتاز في بعض الطرق وإذا برجل على رأسه سلة فيها بقل وهو يقول لآخر: مذهب ابن عباس في تراخي الاستثناء غير صحيح، ولو صح لما قال الله لأيوب #: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}[يس: ٤٤]، بل كان يقول له: استثن فلا حاجة إلى التوسل للبر بذلك. فقال أبو إسحاق: بلدة يرد[١] فيها رجل يحمل البقل على ابن عباس لا يستحق أن يخرج منها. (من شرح ألفية البرماوي). قوله: فلا حاجة إلى التوسل ... إلخ قال في التحرير وشرحه: (لنا لو تأخر) أي: لو جاز تأخير الاستثناء (لم يعين تعالى لبر أيوب # أخذ الضغث) وهي الحزمة الصغيرة من الحشيش ونحوه وضرب زوجته به في حلفه، أي يضربها مائة سوط ضربة لما ذهبت لحاجته فأبطت على ما روي، بل كان يقول: استثن من غير هذه الحيلة. وقد يقال: إن ذكر مخلص مخصوص عن الحنث لا ينفي جواز ما عداه، اللهم إلا أن يقال: ترك ما هو الأعلى إلى الأدنى لا يليق به تعالى، وذلك لأنه حيلة، والاستثناء ليس بحيلة، وفيه ما فيه.
(١) محمد بن خازم بمعجمتين التميمي مولاهم الضرير أحد الأعلام، عن الأعمش، وروى عنه أيضاً الأعمش وشيخه ابن جريج.
(٢) وقيل: لا يجب الاتصال لفظاً، بل يجوز الاتصال بالنية وإن لم يتلفظ به، كالتخصيص بغير الاستثناء، وحمل بعضهم مذهب ابن عباس على هذا، حتى لو قال بعد شهر: أردت إلا كذا، سمع منه، وذلك لأن هذا ليس ببعيد، ولو حمل على ظاهر قوله - وهو جوازه مطلقاً نوى أم لا - لكان بعيداً جداً. (عضد).
[١] في المطبوع: يورد. والمثبت من شرح ألفية البرماوي.
[*] - لعل هذا الإيراد لا يتم إلا بعد إثبات أن جواز الاستثناء كان من دين أيوب # وليس بخاص لدين نبينا ÷، فالضرب بالضغث أحد الجائزين، فلا يبطل بالأمر به عدم جواز الآخر. تأمل.