[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  من الشرط والصفة(١) والغاية والبدل، فإن دليله يقتضي جواز انفصالها، وهو باطل بالاتفاق(٢).
  قالوا ثانياً: لو لم يصح لما صدر عن النبي ÷، والتالي باطل، فالمقدم مثله، أما الشرطية فلأنه # أفصح فصحاء العرب، وأما الاستثنائية(٣) فلأنه روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: «والله لأغزون قريشاً» ثم سكت ثم قال: «إن شاء الله» رواه أبو داود.
  ولأنه روي أن أهل مكة بعثوا رهطاً منهم إلى اليهود يسألونهم عن أشياء يمتحنون بها رسول الله ÷، فقالوا: اسألوه عن ثلاث فإن عرفها فهو نبي: سلوه عن أقوام ذهبوا في الأرض فلا يدري ما صنعوا، وسلوه عن رجل بلغ مشارق الأرض ومغاربها، وسلوه عن الروح. فلما رجعوا سألوا رسول الله ÷ عن ذلك فقال: «غداً أجيبكم» وتأخر الوحي بضعة عشر يوماً ثم نزل: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا ٢٣ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ}[الكهف]، فقال: «إن شاء الله(٤)» رواه الحافظان محمد بن إسحاق في كتاب السير وأبو بكر البيهقي في دلائل النبوة.
  ولا يقال: هذا شرط، وكلامنا في الاستثناء؛ لأن من جوز الفصل في أحدهما
(قوله): «وهو باطل بالاتفاق» سيأتي قريباً أن من جوز الفصل في الشرط جوزه في الاستثناء ... إلخ.
(١) وأيضاً الفرق بأن المخصص المنفصل مستقل ولذلك جاز انفصاله، بخلاف الاستثناء. (من بعض شروح المنهاج).
(٢) سيأتي له عن قريب ما يدل على عدم الاتفاق في الشرط كما ذكره في آخر هذا البحث.
(*) هذا يستقيم عند من يقول باشتراط اطراد العلة كما هو المقرر، وسيأتي في آخر الكلام بأن من جوزه في أحدهما جوزه في الآخر.
(٣) وهي المطوية المشار إليها بقوله: والتالي باطل.
(٤) ولا كلام يعود إليه ذلك الاستثناء إلا قوله غداً أجيبكم، فعاد إليه، فصح الانفصال بضعة عشر يوماً، وفيه المطلوب. (عضد).