هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف العلم]

صفحة 146 - الجزء 1

  سبحانه وعلم الإنسان، وإن أريد به النفس - وهي عندهم جوهر متعلق بالبدن - لم يشمل⁣(⁣١) علمه تعالى.

  وفيه أيضاً أنه يخرج عنه العلم بالمستحيل، فإنه ليس شيئاً⁣(⁣٢) اتفاقاً، والقول بأن العلم لا يتعلق به مكابرة لبديهة العقل، فإن كل عاقل يجد من نفسه


(قوله): «وعلم الإنسان» لم يتعرض في شرح التهذيب لخروج علم الإنسان، وما ذكره المؤلف بناء على أن العقل غير متعلق بالبدن؛ ولذا أدخل المؤلف علم الإنسان في تعريف العلم على القول بأن المراد بالعقل هو النفس؛ لتعلقه حينئذ بالبدن، على أن الشريف جعل العقل متعلقاً بالبدن أيضاً لكن لا كتعلق النفس كما عرفت⁣[⁣١]، فيدخل علم الإنسان.

(قوله): «وإن أريد به النفس» أي: أريد بالعقل النفس؛ ولذا قالوا: العقل جوهر مجرد عن المادة في ذاته مقارن لها في فعله، وهو النفس الناطقة التي يشير إليها كل أحد بقوله: «أنا» وقد جزم في شرح الشمسية لميبدي بهذا حيث قال: والمراد به هاهنا هو النفس.

(قوله): «وهي عندهم جوهر متعلق بالبدن» أي: جوهر مجرد كما ذكره في شرح المواقف وغيره، ولعل هذا القيد سقط من قلم الناسخ.

(قوله): «متعلق بالبدن» يعني تعلق التدبير والتصرف والتحريك كما عرفت.

(قوله): «فإنه» أي: المستحيل ليس شيئاً اتفاقاً؛ إذ ليس بثابت في نفسه؛ لأنه نفي محض، وإنما الخلاف في المعدومات الممكنة هل هي ثابتة في حال عدمها فتكون شيئاً أو لا.

(قوله): «والقول بأن العلم لا يتعلق به» أي: بالمستحيل مكابرة. وقوله: فإن كل عاقل يجد من نفسه الحكم باستحالة اجتماع الضدين، يعني: ولا يمكن الحكم على اجتماع الضدين بالاستحالة إلا بعد العلم باجتماع الضدين الذي هو المستحيل؛ لأن الحكم بثبوت الشيء لغيره فرع ثبوت الغير في نفسه، فهو ثابت، وإذ ليس في الخارج فهو في الذهن، ولعل هذا هو مراد المؤلف وإن لم تؤده العبارة. واعلم أن الحكم بثبوت الشيء لغيره إنما يستدعي تصور الغير بوجه ما، وهذا التصور كافٍ في كون المستحيل قد تعلق به العلم؛ لأنك قد عرفت أن تعريف العلم شامل للصورة المطابقة وغيرها، وهو التصور بوجه ما. وأما تصوره بماهيته فقد صرح السعد في الحواشي في بحث المحكوم فيه باستحالته حيث قال: المستحيل لا تحصل له صورة في العقل، فلا يمكن أن يتصور شيء هو اجتماع النقيضين أو الضدين، فتصوره إما على طريقة التشبيه بأن يعقل مثلاً بين السواد والحلاوة أمر هو الاجتماع ثم يقال: مثل هذا الأمر الذي تعقلناه لا يمكن حصوله بين السواد والبياض، وإما على سبيل النفي ... إلى آخر كلامه، وسيأتي تقرير المؤلف # لذلك في مسألة امتناع التكليف بما لا يطاق، وتحقيق الكلام هنالك إن شاء الله تعالى.


(١) قال السيد الشريف في حواشي شرح المطالع: وما قيل من أن العقل لا يطلق على الباري تعالى، فلا يكون علمه داخلاً في التعريف، وذلك ينافي عموم قواعد الفن - فمدفوع بأن المبحوث عنه هو العلم الكاسب والمكتسب، وعلمه تعالى منزه عن ذلك، فلا بأس بخروجه، وتعميم القواعد إنما هو بحسب الحاجة.

(٢) في المطبوع: بشيء.


[١] رمز في الأم من هنا إلى قوله: متعلقاً بالجسم على سبيل التأثير، قبل هذا بيسير. (ح عن خط شيخه).