هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]

صفحة 716 - الجزء 2

  أصحابنا والشافعية والجم الغفير، خلافاً للحنفية⁣(⁣١).

  (وإلا) يكن كذلك (لم يكف: لا إله إلا الله) في التوحيد، واللازم باطل بالإجماع.

  بيان الملازمة: أنه إنما يتم التوحيد بإثبات الإلهية لله تعالى ونفيها عما سواه، والمفروض أنه إنما يفيد النفي دون الإثبات، فلو تكلم بها منكر لوجود الصانع⁣(⁣٢) لما نافت معتقده ولا تم⁣(⁣٣) بها إسلامه.

  وأجيب بمنع الملازمة، فإن المخالف إنما يقول بأن الاستثناء من الإثبات لا يكون نفياً ولا من النفي إثباتاً في النسبة الخارجية⁣(⁣٤) لا في النفسية.


(قوله): «وإلا يكن كذلك» ظاهره أنه استدلال على طرفي المدعى، ولم يرد المؤلف # ذلك، بل هو استدلال على أحد طرفي المدعى، أعني العكس فقط.

(قوله): «وأجيب بمنع الملازمة ... إلخ» هذا الجواب ذكره في شرح المختصر، واعترضه في الحواشي بما ذكره المؤلف # فيما يأتي من الإلزام فيما هو العمدة، وقد أجاب عن هذا الإلزام في الجواهر بجواب كأن المؤلف # لم يرتضه؛ فلذا أغفله. واعلم أن المؤلف # جعل منع الملازمة جواباً عن استدلال أصحابنا على أنه من النفي إثبات؛ إذ التقدير لو لم يكن من النفي إثباتاً لم يكف لا إله إلا الله في التوحيد، واللازم باطل، فإنه يكفي، فيكون حاصل منع الملازمة أنه ليس من النفي إثباتا ويكفي في التوحيد؛ بأن يراد أنه لا يكون من النفي إثباتا في النسبة الخارجية، وبكفايته في التوحيد بالنظر إلى النسبة النفسية، فإنه فيهما من النفي إثبات، فيكفي إثبات الإلهية لله في النفس، لا في الخارج فلا دلالة للفظ عليه. ولا يخفى أن الجواب لا يفيد المقصود من كلمة التوحيد؛ إذ لا يقول المخالف بكفاية ثبوت الإلهية في النفس لا في الخارج، وذلك ظاهر، والشارح المحقق لم يورد ما ذكره المؤلف # جواباً عن هذا الاستدلال، إنما أورده جواباً عن استدلال آخر منتهض على طرفي المدعى، وهو الاستدلال بإجماع أهل اللغة على أنه من النفي إثبات وبالعكس، بأن حمل الشارح إجماع أهل اللغة على أن المراد أنه كذلك في النسبة الذهنية لا الخارجية، وأما الاستدلال بلزوم عدم كفاية كلمة التوحيد فأجاب عنه بجواب آخر، وهو أن دلالة كلمة الشهادة على التوحيد إنما هو بالعرف الشرعي لا بالوضع اللغوي، وسيصرح المؤلف # بهذا في آخر البحث بقوله: وكلمة التوحيد يحصل بها الإيمان من المشرك ومن القائل بنفي الصانع بحسب عرف الشارع.


(١) قيل: فيهما، وقيل: في الثاني فقط. (سبكي على المختصر). فإن أبا حنيفة جعل هناك واسطة بين النفي والإثبات، وهو عدم الحكم على المستثنى بنفي أو إثبات. (من منتهى السؤل والأمل للنيسابوري على المختصر). وقال أبو حنيفة: المراد بالاستثناء من النفي هو إخراج المستثنى عن دخوله في المستثنى منه من غير تعرض لنفيه ولا إثباته. (من حل العقد).

(٢) عبارة العضد: دهري منكر ... إلخ.

(٣) في نسخ: ولما تم ... إلخ.

(٤) قال سعد الدين: ومن الغلط الظاهر تفسير النسبة الخارجية بالنسبة اللسانية التي هي الذكر الحكمي.