[تعريف العلم]
  (إذعاناً بنسبة(١)) أي: اعتقاداً لنسبة خبرية ثبوتية كاعتقاد أن زيداً قائم، أو
(قوله): «إذعاناً بنسبة» التي هي ثبوت شيء لشيء[١] كما في الحملية، أو عنده[٢] كما في الاتصالية، أو منافاته له[٣] كما في الانفصالية، أو انتفاء ذلك، أعني انتفاء ثبوت شيء لشيء كما في الحملية، أو عنده في الاتصالية، أو انتفاء المنافاة في الانفصالية. واعلم أن العلم بالمعنى الأعم هو الصورة الحاصلة ... إلخ فهو من مقولة الكيف، وقد اختاروا ذلك، فتفسيره بالإذعان المفسر باعتقاد كما ذكره المؤلف أو بالقبول أو بانقياد النفس أو بالإدراك كما في عبارة غيره لا يناسب ذلك؛ إذ الإذعان والقبول والانقياد من مقول الانفعال[٤]، وقد أشار إلى ما ذكرنا في شرح الشمسية.
(قوله): «أي اعتقاداً لنسبة»: المراد بالاعتقاد[٥] هنا ما يشمل الجازم وغيره، المطابق وغيره، الثابت وغيره، كما ذلك أحد معنييه الآتيين، فيشمل الظن والاعتقاد الجازم غير المطابق واعلم أن المؤلف فسر الإذعان بالاعتقاد كما في شرح اليزدي، وذلك أن المراد به الإذعان النفسي، وهو الاعتقاد، ولو فسره بالقبول كما ذكره السعد أو انقياد النفس كما ذكره بعض شراح التهذيب لكان أولى؛ إذ الاعتقاد إدراك، فيكون متعلقه وقوع النسبة أو لا وقوعوها، وهو خلاف ما ذكره المؤلف. وأما صاحب الجواهر فاختار أن الحكم ليس هو الإذعان والقبول، بل جعله نفس الإدراك المتعلق بأن النسبة واقعة أو ليست بواقعة، وقد صرح بذلك الشريف =
(١) وإنما اختار المصنف هذه العبارة في[٦] تقسيم العلم دون ما اختاره الآخرون من أن العلم إن كان إدراك أن النسبة واقعة أو ليست[٧] بواقعة فتصديق وإلا فتصور؛ لأنها أخصر وأوجز، =
[١] كما في الحمليات، نحو: الإنسان كاتب. اهـ ح
[٢] معطوف على قوله: لشيء، تقديره ثبوت شيء عنده؛ لأنه بسبب وجود النهار عند طلوع الشمس. وقوله: «أو منافاته» معطوف على قوله: ثبوت، تقديره وتصور النسبة الحكمية التي هي منافاته إياه، أي: منافاة زوجية العدد الفردية. اهـ من خط سيدي أحمد بن محمد إسحاق. ح
[*] - كما في المتصلة الشرطية، كتصور وجود النهار عند وجود الشمس، نحو: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود. اهـ من خط سيدي أحمد بن محمد إسحاق. ح
[٣] إشارة إلى الحكم الذي في القضية المنفصلة، كمنافاة الزوجية للفردية نحو: العدد إما زوج أو فرد، لكنه فرد، يفيد: أنه ليس بزوج، أو نقول: لكنه زوج، يفيد: أنه ليس بفرد، فإن النسبة الحكمية هي الزوج ... إلى آخر هو الفرد. اهـ من خط سيدي أحمد بن محمد إسحاق ح
[٤] والفعل لا يكون انفعالاً؛ وذلك لأن الفعل هو التأثير وإيجاد الأثر، والانفعال هو التأثر وقبول الأثر، فلا يصدق أحدهما على ما يصدق عليه الآخر بالضرورة، وإما أن الإدراك انفعال فإنما يصح إذا فسر الإدراك بانقياد النفس بالصورة الحاصلة من الشيء، وأما إذا فسر بالصورة الحاصلة في النفس فيكون من مقولة الكيف، فلا يكون فعلاً أيضاً. اهـ من حاشية شرح الشمسية للشريف.
[٥] في الزهور الوردية: والمراد بالاعتقاد الإدراك المتعلق بأحدهما، أي: التصور والتصديق، فإن من إدراك النسبة الحكمية الحملية والاتصالية والانفصالية الإيجابية أو السلبية حصل له بعد إدراكها إدراك أنها واقعة - أي: مطابقة لما في نفس الأمر - أو غير واقعة، أي: ليست مطابقة له، والمدرك في صورة الشك غير مغاير لهذه النسبة بالذات، بل باعتبار التردد في الإدراك، فإنها في صورة الشك مدركة بإدراك غير إذعاني، وفي صورة الحكم مدركة بإدراك إذعاني، هذا مذهب القدماء، واختاره المصنف.
وذهب المتأخرون إلى إثبات نسبة أولى هي مورد الحكم ونسبة أخرى هي الحكم، فالنسبة الأولى تصورية، وهي تصور نسبة المحمول إلى الموضوع بدون إذعان النفس بها، وتسمى نسبة وقوعية، ونسبة بين بين، ومورد الإيجاب والسلب، والنسبة الثانية إدراك النفس أن تلك النسبة الصورية واقعة أم لا وجزمها وإذعانها وإيقاعها، وتسمى نسبة إيقاعية ونسبة حكمية وإيجاباً وسلباً أو نفياً وإثباتاً، فالنسبة الأولى موضوع النسبة الأخرى، كان المتكلم يقول: الوقوعية مصدوق بها.
قال المحقق الدواني: إثبات النسبة الأولى هي من تقييدات المتأخرين، فأجزاء القضية على مذهب القدماء ثلاثة: محكوم به ومحكوم عليه ونسبة تامة، ومتعلق الإذعان والإدراك الجزء الثالث، وعلى مذهب المتأخرين أربعة: محكوم به ومحكوم عليه ونسبة تقييدية ووقوع هذه النسبة أو لا وقوعها، ومتعلق الإذعان عندهم الجزء الأخير، أعني الوقوع واللاوقوع.
[٦] في المطبوع: على تقسيم. والمثبت من شرح التهذيب للشيرازي.
[٧] في المطبوع: وليس. والمثبت من شرح التهذيب للشيرازي.