هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف العلم]

صفحة 149 - الجزء 1


= في شرح المواقف حيث قال: العلم إن كان حكماً - أي: إدراكاً لأن النسبة واقعة أو ليست بواقعة - فتصور⁣[⁣١] وإلا فتصديق⁣[⁣٢]، وفسر به كلام شرح المختصر، ومثله في شرح الشمسية، فإن فسر التصديق بالإذعان يكون متعلقه مجرد النسبة الحكمية، أعني مورد الإيجاب والسلب، لا وقوعها أو لا وقوعها كما صرح به المؤلف فيما يأتي⁣[⁣٣]، وذلك لأن الشك والوهم وسائر التصورات لا إذعان فيها بنسبة ثبوتية أو سلبية، فلا حاجة في إخراجها إلى زيادة قيد الوقوع أو لا وقوع، ولهذا قال الشيرازي: إنه أخصر من قولهم: التصديق إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة. ويؤيد هذا قولهم: إن أجزاء الحملية ثلاثة: الموضوع والمحمول والنسبة، وعلى القول بأن متعلق التصديق وقوع النسبة أو لا وقوعها تكون أربعة، رابعها: وقوع النسبة. وإن فسر التصديق بالإدراك كما ذكره الشريف ومن معه كان متعلقه وقوع النسبة أو لا وقوعها، بمعنى إدراك أن النسبة واقعة على التعيين أو ليست بواقعة كذلك؛ ليخرج الشك والوهم وسائر التصورات. وتحقيق ذلك كما ذكره في الجواهر: هو أن إدراك النسبة بين الشيئين على ثلاثة أوجه: أحدها: إدراك النسبة من حيث هي هي، وثانيها إدراكها من حيث وقوعها أو لا وقوعها، وثالثها: إدراك أن النسبة واقعة أو ليست واقعة، والثاني أعم من الثالث مطلقاً؛ لأنك إذا أدركت أن النسبة واقعة أو ليست واقعة فقد أدركت النسبة من حيث وقوعها أو لا وقوعها، ولا يلزم من إدراك النسبة من حيث وقوعها أو لا وقوعها إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة؛ فإن إدراك أن النسبة من حيث وقوعها أو لا وقوعها يتناول الشك والوهم ويصدق على العلم وسائر الأقسام، فهو أعم من التصديق والحكم والاعتقاد والجزم والرجحان والتساوي والمرجوحية، فتصور النسبة بين الشيئين إنما هو بالمعنى الثاني دون الأول والثالث. أما الثالث فظاهر؛ لامتناع صدق إدراك أن النسبة واقعة أو ليست بواقعة على الشك والوهم، وأما الأول فلأن الشك إنما يكون في وقوعها أو لا وقوعها لا في إدراك النسبة من حيث هي هي. انتهى. وبما نقلنا يندفع ما يقال إن التمايز بين إدراك النسبة المسمى بالتصور وبين إدراكها المسمى بالتصديق خفي. ووجه الاندفاع بأمرين: الأول: أن إدراك النسبة من حيث وقوعها أو لا وقوعها حاصل في الشك والوهم، بخلاف إدراك أنها واقعة على التعيين أو ليست بواقعة كذلك، والثاني⁣[⁣٤]: أن الثاني متميز يلازمه المشهور، وهو احتمال الصدق والكذب، بخلاف الأول.


= ... ولأنها لا ترد عليها الاعتراضات التي ترد على عباراتهم على ما فصلت في مواضعها. (شرح التهذيب للشيرازي).

(*) قال السيد حسن الجلال في عصام المحصلين عن مزالق المؤصلين: اعلم أن النسب أربع: نفسيتان وخارجيتان عن النفس، فأولى النفسيتين: تصورية، وهي تصور نسبة المحمول إلى الموضوع بدون إذعان النفس بها، وتسمى وقوعية، ونسبة بين بين، ومورد الإيجاب والسلب. وأخراهما: إدراك النفس أن تلك النسبة المتصورة واقعة أو لا واقعة، وجزمها بذلك، وإيقاعها، وتسمى نسبة إيقاعية ونسبة حكمية، وتصديقاً، وإيجاباً وسلباً، وإثباتاً ونفياً⁣[⁣٥]، فهي⁣[⁣٦] علم بنسبة أخرى موضوعها تلك النسبة الأولى ومحمولها التصديق، كان المتكلم يقول: الوقوعية مصدوق بها؛ ولهذا سموا الأولى مورد الإيجاب والسلب. وأما الخارجتان عن النفس فإحداها: اللفظية التي يشار بها إلى ما في النفس، وهي صورة بين بين برزت إلى اللفظ لتدل على ما في النفس، وليست بنسبة حقيقية؛ إذ النسبة إدراك النفس لارتباط المحمول بالموضوع؛ لما تقرر في الحكمة الإلهية من أن كونها مسخرة للعقل والوهم لا يمنع من قبول ما أكسباها. والأخرى منهما: هي ما في نفس الأمر، أعني الخارج عن النفس واللفظ. (مختصراً).


[١] عبارة المواقف: فهو تصديق وإلا فهو تصور.

[٢] أظن فتصديق وإلا فتصور. اهـ وهو ثابت في نخ الحسن بن محمد المغربي. (ح عن خط شيخه).

[٣] في قوله: وفيه إشارة ... إلخ. اهـ ح

[٤] وهو العلم بأن النسبة واقعة أو ليست بواقعة. (جواهر). وقوله: «متميز» أي: عن الأول، وهو تصور النسبة من حيث الوقوع واللاوقوع. (جواهر. ح).

[٥] في عصام المحصلين: وإيجاباً أو سلباً، وإثباتاً أو نفياً.

[٦] في المطبوع: فهو. والمثبت من عصام المحصلين.