هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[فصل: في الطرق التي يعرف بها تخصيص العام]

صفحة 735 - الجزء 2

مسائل المنفصل

  لما فرغ من المخصصات المتصلة أخذ في المنفصلة:

  والمخصص⁣(⁣١) المنفصل هو الذي لا يحتاج في ثبوته إلى ذكر العام معه، وهو قسمان: عقلي وحسي⁣(⁣٢) فالعقلي يجيئك مثاله، والحسي كما في قوله تعالى في الريح المرسلة على عاد: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ}⁣(⁣٣) [الأحقاف: ٢٥]، فإنه مخصوص بالحس؛ لأنا نشاهد أشياء كثيرة لا تدمير فيها كالسموات والجبال.

  والأكثرون يقسمونه إلى ثلاثة أقسام، فيجعلون السمعي قسماً مستقلاً⁣(⁣٤)، ولا شك أنه داخل في المحسوس.


(قوله): «داخل في المحسوس» إذ السمعي من المحسوس.


(١) قال السيد عبدالرحمن في شرحه على الغاية: شرع في مسائل التخصيص بالمنفصل، وهو ينقسم إلى ثمانية أقسام؛ لأنه نوعان: عقلي وشرعي، والشرعي نوعان: لفظي ومعنوي، فاللفظي أربعة: بالكتاب وبالسنة وبالإجماع وبالمفهوم. والمعنوي ثلاثة: بفعله ÷، وبتقريره، وبالقياس. والعقلي واحد، فذلك ثمانية، وقد أورد لها ¦ أربع مسائل: الأولى قوله: يجوز التخصيص ... إلخ.

(٢) واعلم أن التخصيص بالحسي يؤول إلى أن العقل يحكم بخروج بعض أفراد العام بواسطة المشاهدة، فهو من التخصيص بالعقل؛ ولذلك اقتصر الآمدي وابن الحاجب على العقلي. (ابن أبي شريف). ولهذا قال الملا حبيب ميرزاجان: لم يعد الحس من المخصصات المنفصلة وقد جعلوها ثلاثة: الحس والعقل والدليل السمعي؛ لأن الحاكم مطلقاً هو العقل، والحس آلة له.

(٣) قال في مغني اللبيب: إنه مخصوص بصفة محذوفة، أي: كل شيء سلطت عليه؛ بدليل قوله تعالى: {مَا تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ}⁣[الذاريات: ٤٢]، أي: سلطت. ذكره في باب حذف الصفة، فالتخصيص على هذا في الآية ليس بالحسي. (من خط السيد عبدالله بن حسين جحاف). وتأويل آخر، وهو: أن تدمير كل شيء بالقوة ثابت لها، والمراد قوته على تدمير كل شيء وإن لم تدمر بالفعل إلا ما تعلقت الإرادة بتدميره، وهو أقوى من الجواب الأول. (من خط السيد هاشم بن يحيى قدس سره).

(٤) قال صاحب جمع الجوامع: يجوز التخصيص بالحس والسمع والعقل. قال شارحه أبو زرعة: المخصصات المنفصلة ثلاثة: الحس والعقل والدليل السمعي، فالأول الحس، والمراد به المشاهدة، وإلا فالدليل السمعي من المحسوسات؛ إذ هو مدرك بحاسة السمع، وقد جعله قسيماً له.