[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}[البقرة: ٢٢٨].
  فإن قيل: لا نسلم أن تخصيص المطلقات بهذه الآية؛ لجواز أن يكون من السنة.
  قلنا: قد قيل: إنه وقع العلم بأن التخصيص إنما هو بالآية لا بدليل آخر، فمنعه مكابرة، مع أن الأصل عدم الغير.
  قالوا: لو خص الكتاب بالكتاب لخرج النبي ÷ عن كونه مبيناً، والتالي باطل، فكذا المقدم. أما الأولى فلاستحالة أن يكون الشيء الواحد مبيناً بتبيينين، وأما الثانية فللزوم مخالفة قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]؛ إذ التخصيص تبيين، فيكون المبين هو الكتاب لا الرسول(١)، فيلزم وقوع نقيض ما نطق به القرآن، وأنه محال.
  (و) الجواب: أن ما ذكروه من الاحتجاج بقوله تعالى: ({لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ}(٢) معارض بـ) قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ (تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ}) [النحل: ٨٩]، لاقتضائه أن يكون الكتاب تبياناً للكتاب لكونه شيئاً (والحق أنه) ÷ (المبين بالكتاب والسنة) لأن الكل ورد على لسانه، فكان هو المبين(٣) تارة بالكتاب وتارة بالسنة، فلا مخالفة ولا تعارض.
  (و) يجوز تخصيص الكتاب (بالسنة(٤) المعلومة اتفاقاً(٥)) سواء كانت معلومة
(قوله): «قلنا: قد قيل» ذكره السعد في الحواشي.
(١) فإن قلت: لا يخفى أن ذلك لا يدل على حصر التبيين في الرسول ÷، فلا ينافي كون الكتاب مبيناً ومخصصاً له أيضاً، فالجواب: أنه يفهم منه كونه ÷ مبيناً لجميع ما نزل من الكتاب على ما يدل عليه اسم الموصول، فلو كان الكتاب أيضاً مبيناً للزم تبيين المبين، وهو تحصيل الحاصل. (ميرزاجان).
(٢) لأنه فوض البيان إلى الرسول، والتخصيص بيان، فلا يحصل إلا بقوله. (من شرح المحلي).
(٣) لأن تلاوة النبي ÷ آية التخصيص بيان منه له. (محصول).
(٤) وقيل: لا يجوز بالسنة المتواترة الفعلية؛ بناء على القول الآتي إن فعل الرسول لا يخصص. (من شرح المحلي). قال أبو زرعة في شرح الجمع ما لفظه: يجوز تخصيص الكتاب بالسنة المتواترة بالإجماع كما حكاه الصفي الهندي، وقال الآمدي: لا أعلم فيه خلافاً، ومنهم من حكى الخلاف في السنة الفعلية.
(٥) في دعوى الاتفاق نظر؛ فإن منهم من منع التخصيص بغير القرآن، ومنهم من منعه بغير السنة كما سبق، وذلك يظهر بالتأمل، اللهم إلا أن يريد اتفاقاً مخصوصاً. (قسطاس)[١].
[١] قبل هذه الحاشية في القسطاس مع المعيار: ويجوز العكس وهو تخصيص الظني بقطعي اتفاقاً، وفي دعوى ... إلخ.