هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 745 - الجزء 2

  (و) أما الثالث فممنوع الملازمة، وحينئذ (لا تعارض) بينهما (لعدم التساوي) وإنما جاز أن يكون الآحادي مخصصاً للكتاب لأنه مبين للمراد من العموم غير رافع لشيء منه ولا معارض.

  (و) أما الرابع فممنوع الملازمة أيضاً فيقال: (لا) يلزم (نسخ؛ للإجماع) الفارق بينهما⁣(⁣١)، فإنه استقر على أن الكتاب لا تنسخه السنة غير متواترة، نقل الإجماع السيد أبو طالب وأبو عبدالله وأبو الحسين البصريان والقاضي أبو بكر الباقلاني.

  وفي المحصول: أن الفرق بالإجماع جواب الأصوليين قاطبة. قال أبو طالب: ولولاه لكنا نجوز النسخ به كما نجوز التخصيص به، ولهذا ذهب الشيخ أبو عبدالله البصري إلى أن النسخ به كان جائزاً في صدر الإسلام ثم وقع الإجماع من بعد على المنع منه، واستدل⁣(⁣٢) بقصة أهل قباء، وهي أنهم تحولوا في حال صلاتهم إلى جهة الكعبة حين وصل إليهم خبر نسخ القبلة، وهو من أخبار الآحاد.

  وتأوله أبو طالب بأنهم كانوا قد علموا⁣(⁣٣) وقوع النسخ جملة⁣(⁣٤) ولم يعلموا


(قوله): «لا تعارض لعدم التساوي» قد عرفت استدلال المخالف باستلزام جواز المعارضة بين القطعي والظني، فكأنه قال: لو جاز تخصيص الكتاب بخبر الواحد لتعارض القطعي والظني، واللازم باطل لعدم التساوي⁣[⁣١]. والجواب هاهنا بمنع التعارض لعدم التساوي هو ما قصد المستدل في بطلان اللازم، فالأولى الاقتصار هنا على إسناد منع التعارض بأن خبر الواحد مبين للمراد بالعموم لا معارض.

(قوله): «علموا وقوع النسخ جملة» أي: من غير معرفة التاريخ، =


(١) أي: التخصيص والنسخ.

(٢) أي: على جواز النسخ بالآحاد في صدر الإسلام.

(٣) سيأتي في باب النسخ أن مسألة القبلة من نسخ السنة بالكتاب، فإن التوجه إلى بيت المقدس ثبت بالسنة، ونسخ بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}⁣[البقرة: ١٤٤]. (سحولي).

(٤) بقوله تعالى: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا}⁣[البقرة: ١٤٤].


[١] يقال: ليس هو ما قصده المستدل؛ إذ المراد بعدم التساوي في قوله: لا تعارض لعدم التساوي بين ما نحن فيه وبين ما ذكرتموه من تعارض القطعي والظني؛ لأنهما ظنيان، بخلاف ما ذكروه في اللازم، فلا تتم الملازمة إلا مع تساوي المقامين. (ح عن خط شيخه). ولفظ حاشية عن خط السيد العلامة الحسن بن يحيى الكبسي ¦ ما لفظه: ويمكن الجواب بأن المراد بانتفاء التساوي في كلامهم غيره في كلام المؤلف، فعدم التساوي عندهم من حيث إن العام قطعي والخاص ظني، وقد رده المؤلف بأن العام ظني الدلالة، فهما متساويان على هذا، ولكن لا تعارض لعدم التساوي من حيث إن الخاص الظني مبين للمراد من العموم، بخلاف العام فهو ظاهر فلا تساوي، وهذا هو المراد هنا، فلا تعارض. (حسن). وأما وجه منع الملازمة فعدم التساوي أيضاً بين ما نحن فيه لأنهما ظنيان وبين ما ذكرتم من لزوم تعارض القطعي والظني. (حسن من خط حفيد مؤلف الروض).