هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 754 - الجزء 2

  بدليل عام (فبالخاص) كما لو قال أولاً: لا يحل لأحدٍ أن يصلي مكشوف الرأس ثم صلى كذلك، فهذا الفعل (نسخ) لحكم العام المتقدم⁣(⁣١) لارتفاعه⁣(⁣٢) عن الكل، أما بالنسبة إليه فظاهر، وأما بالنسبة إلى الأمة فلوجوب التأسي بدليل خاص لهذا الفعل، وهو: «صلوا كما رأيتموني أصلي»⁣(⁣٣)، ولكنه لا يجوز إلا (بشرطه) وهو وجوب تراخيه مدة تسع العمل بالمنسوخ كما سبق وكما سيأتي إن شاء الله تعالى.

  (و) إن وجب الاتباع له ÷ في فعله المخالف حكمه لحكم العموم (بالعام) أي: بالدليل العام لوجوب الاتباع في ذلك الفعل وغيره مثل: «خذوا عني مناسككم» أي: عباداتكم، وقد واصل بعد تحريمه على الكل - فإنه على المختار (يكون) هذا العام القائل بوجوب المتابعة (مخصصاً بالأول⁣(⁣٤)) وهو العموم المتقدم


(قوله): «فهذا الفعل نسخ لحكم العام المتقدم» وهو لا يحل لأحد أن يصلي ... إلخ؛ إذ لم يبق التحريم لا في حقه ÷ ولا في حق الأمة، وهذا معنى قوله: لارتفاعه عن الكل ... إلخ.

(قوله): «في فعله المخالف» صفة فعله، وحكمه فاعله.

(قوله): «بعد تحريمه على الكل» بقوله: الوصال حرام على كل مسلم.

(قوله): «فإنه» أي: دليل الاتباع العام.

(قوله): «يكون هذا العام ... إلخ» مقتضى العبارة الإضمار؛ لتقدم ذكره في قوله: فإنه أي دليل الاتباع، إلا أنه أظهره زيادة إيضاح.

(قوله): «مخصصاً» بالفتح «بالأول» في العبارة خفاء؛ إذ لم يسبق للأول ذكر في المتن، فلو اقتصر على قوله: مخصصاً لكان أولى.


(١) لا يتم هذا إلا إذا تحقق أن قوله ÷: «صلوا كما رأيتموني أصلي» صادر منه بعد فعله الصلاة كاشفاً لرأسه أو قبل فعلها بعد تحريمه كشف الرأس في الصلاة؛ إذ مع جهل تاريخ القولين يكون فعله ÷ مخرجاً له، ودليل التأسي في الصلاة مخصصاً بحديث تحريم كشف الرأس مثلاً؛ لأنه أخص من حديث مالك بن الحويرث، أعني: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، فيعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما بقي، والله أعلم. (ع).

(٢) في نسخة: وارتفاعه. اهـ عن الكل أي: عن النبي ÷ وعن الأمة.

(٣) فإنه خاص بالصلاة، وليس شاملاً لكل فعل يفعله. (سبكي).

(٤) فكأنه قال: اتبعوني إلا في الوصال، فإن قلت: كيف يكون تخصيصاً وهو عام أيضاً؟ قلت: عام بالنسبة إلى أفراد، خاص بالنسبة إلى فاتبعوني. (منتخب).