[الباب الثالث: العموم والخصوص]
  بدليل عام (فبالخاص) كما لو قال أولاً: لا يحل لأحدٍ أن يصلي مكشوف الرأس ثم صلى كذلك، فهذا الفعل (نسخ) لحكم العام المتقدم(١) لارتفاعه(٢) عن الكل، أما بالنسبة إليه فظاهر، وأما بالنسبة إلى الأمة فلوجوب التأسي بدليل خاص لهذا الفعل، وهو: «صلوا كما رأيتموني أصلي»(٣)، ولكنه لا يجوز إلا (بشرطه) وهو وجوب تراخيه مدة تسع العمل بالمنسوخ كما سبق وكما سيأتي إن شاء الله تعالى.
  (و) إن وجب الاتباع له ÷ في فعله المخالف حكمه لحكم العموم (بالعام) أي: بالدليل العام لوجوب الاتباع في ذلك الفعل وغيره مثل: «خذوا عني مناسككم» أي: عباداتكم، وقد واصل بعد تحريمه على الكل - فإنه على المختار (يكون) هذا العام القائل بوجوب المتابعة (مخصصاً بالأول(٤)) وهو العموم المتقدم
(قوله): «فهذا الفعل نسخ لحكم العام المتقدم» وهو لا يحل لأحد أن يصلي ... إلخ؛ إذ لم يبق التحريم لا في حقه ÷ ولا في حق الأمة، وهذا معنى قوله: لارتفاعه عن الكل ... إلخ.
(قوله): «في فعله المخالف» صفة فعله، وحكمه فاعله.
(قوله): «بعد تحريمه على الكل» بقوله: الوصال حرام على كل مسلم.
(قوله): «فإنه» أي: دليل الاتباع العام.
(قوله): «يكون هذا العام ... إلخ» مقتضى العبارة الإضمار؛ لتقدم ذكره في قوله: فإنه أي دليل الاتباع، إلا أنه أظهره زيادة إيضاح.
(قوله): «مخصصاً» بالفتح «بالأول» في العبارة خفاء؛ إذ لم يسبق للأول ذكر في المتن، فلو اقتصر على قوله: مخصصاً لكان أولى.
(١) لا يتم هذا إلا إذا تحقق أن قوله ÷: «صلوا كما رأيتموني أصلي» صادر منه بعد فعله الصلاة كاشفاً لرأسه أو قبل فعلها بعد تحريمه كشف الرأس في الصلاة؛ إذ مع جهل تاريخ القولين يكون فعله ÷ مخرجاً له، ودليل التأسي في الصلاة مخصصاً بحديث تحريم كشف الرأس مثلاً؛ لأنه أخص من حديث مالك بن الحويرث، أعني: «صلوا كما رأيتموني أصلي»، فيعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام فيما بقي، والله أعلم. (ع).
(٢) في نسخة: وارتفاعه. اهـ عن الكل أي: عن النبي ÷ وعن الأمة.
(٣) فإنه خاص بالصلاة، وليس شاملاً لكل فعل يفعله. (سبكي).
(٤) فكأنه قال: اتبعوني إلا في الوصال، فإن قلت: كيف يكون تخصيصاً وهو عام أيضاً؟ قلت: عام بالنسبة إلى أفراد، خاص بالنسبة إلى فاتبعوني. (منتخب).