هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 756 - الجزء 2

  سلم) أن له دخلا في الدلالة فلا نسلم أن المجموع أخص، غايته المساواة، فإنه يستفاد من وصاله ÷ مع دليل التأسي العام عموم الجواز، كما يستفاد من قوله: «الوصال حرام على كل مسلم» عموم التحريم، وحينئذ إن عُمل بالقول المخالف لم يبطل الفعل - وهو ظاهر - ولا دليل التأسي بالكلية، وإنْ عمل بالموافق للفعل معه (لزم الإبطال) للقول المخالف بالكلية، والإعمال أولى من الإهمال.

  (و) يجوز تخصيص العام (بتقريره⁣(⁣١)) ÷ مع تكامل شرائطه، فإذا قرر واحداً من المكلفين على خلاف مقتضى العام كان مخصِّصاً له عند الأكثرين، خلافاً لطائفة شاذة.

  وشبهتهم أن التقرير لا صيغة له فلا يعارض ما له صيغة، وهو العموم.

  وجوابها: أن التقرير وإن لم تكن له صيغة لكنه في دلالته على جواز الفعل للفاعل أقوى من دلالة العموم على نفيه عنه وإن كان له صيغة؛ نظراً إلى أن تطرق الخطأ إلى الرسول ÷ أبعد من تطرق التخصيص إلى العام لكثرة التخصيص، وعلى فرض التساوي يكون التخصيص أولى جمعاً بين الأدلة.


(قوله): «عموم الجواز» أي: جواز الوصال للنبي ÷ وللأمة.

(قوله): «عموم التحريم» عليه ÷ وعلى الأمة.

(قوله): «وحينئذ إن عمل بالقول المخالف» للفعل وهو الوصال حرام «لم يبطل الفعل» لأنه يكون مخصصاً له.

(قوله): «ولا دليل التأسي» للعمل به في غير الوصال.

(قوله): «وإن عمل بالموافق للفعل» وهو خذوا عني ... إلخ.

(قوله): «معه» أي: مع الفعل، بأن عمل بهما معاً.

(قوله): «بالكلية» في حقه وحق الأمة.


(١) أي: لو رأى الرسول ÷ من خالف حكم العام كما رأى عبدالرحمن بن عوف لابساً ثوب الحرير فقرره على ذلك ولم ينكر عليه كان ذلك التقرير مخصصاً أي: مخرجاً عبدالرحمن من عموم قوله عليه الصلاة والسلام: «هذان حرامان على ذكور أمتي» مشيراً إلى الذهب والحرير؛ لأن سكوته دليل الجواز، ثم إن ثبت قوله عليه الصلاة والسلام: حكمي على الواحد حكمي على الجماعة فهذا التقرير يرفع حكم ذلك العام عن باقي المكلفين؛ لأنه صار منسوخاً بتقريره عليه الصلاة والسلام مخالفه، وإن لم يثبت فحكم التقرير يختص بعبدالرحمن، فإن ظهر لنا في عبدالرحمن معنى كان سبباً لتقريره عليه الصلاة والسلام له فمن وجدنا موصوفاً بذلك المعنى أخرجناه عن العموم أيضاً قياساً على عبدالرحمن. (إنهاج شرح المنهاج).