هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 765 - الجزء 2

  والقولية هي المرادة في الأيمان دون الفعلية، فمن حلف من أكل اللحم إنما لا يحنث بلحم السمك لأنه يتبادر من إطلاق اللحم المعتاد ولا ينصرف إلى غيره إلا بقرينة، فكانت غلبة العادة هنا مستتبعة لغلبة الاسم، بخلاف من حلف من الخبز في بلد لا يعتاد فيه إلا تناول خبز الأرز فإنه يحنث بغيره، وهكذا من حلف من الذرة في بلد لا يعتاد فيها إلا تناول الصفراء فإنه يحنث بالبيضاء؛ لعدم استتباع العادة لغلبة الاسم.

  وإنما اختير عدم التخصيص بالعادة (لعدم حجيتها⁣(⁣١)) فإن العادة في التناول لا تصلح دليلاً على نقل اللفظ من العموم إلى الخصوص، بخلافها في غلبة الاسم، وما لا يصلح دليلاً لا يبطل به الدليل.

  (قيل) في حجة المخالف: التخصيص للعام بالعادة الفعلية (كالتخصيص) له (بالعرف⁣(⁣٢)) أي: كما يتخصص لفظ الدابة بذوات الأربع بعد كونه في اللغة لما يدب، وكما يخص النقد بالنقد الغالب في البلد بعد كونه في اللغة لكل نقد.

  (قلنا⁣(⁣٣): ممنوع) فلا نسلم أن التخصيص بالعادة كالتخصيص بالعرف لوجود


(قوله): «والقولية هي المرادة في الأيمان» ظاهر كلامهم في الفروع الإطلاق؛ ولذا قال في الأزهار⁣[⁣١]: والعشاء لما يعتاد تعشيه وغير ذلك، ويمكن أن يدفع هذا بما سيأتي للمؤلف # في آخر هذا البحث من أن غلبة العادة في هذا قد استتبعت غلبة العبارة.


(١) وعبارة ابن الحاجب: لنا أن اللفظ⁣[⁣٢] عام لغة وعرفاً ولا مخصص.

(٢) قال في مختصر المنار وشرحه للبلبيسي في آخره ما لفظه: والعرف ما اشتهر بشهادات العقول وتلقي طبعاً، أي: تلقته الطباع السليمة بالقبول، والعادة ما استمر الناس عليه وعاودوه، أي: مرة بعد أخرى. اهـ وقال العلامة السعد في مباحث المجاز من التلويح: والعادة تشمل العرف العام والخاص، وقد يفرق بينهما باستعمال العادة في الأفعال والعرف في الأقوال.

(٣) في شرح ابن جحاف ما لفظه: قلنا: كون التخصيص فيما ذكرتم بالعرف ممنوع؛ لأن ذلك لتخصيص الاسم بذلك المسمى عرفاً، بنقل العرف ذلك الاسم إلى مسمى خاص، فكان موضوعاً له عرفاً، فلم يبق الاسم على عمومه، والعادة إنما جرت في تناوله لبعض خاص لا في غلبة الاسم عليه عرفاً؛ إذ المفروض أنه باق على عمومه لغة وعرفاً، فالمخصص هو غلبة الاسم لا غلبة العادة. قالوا ثانياً: لو قال: اشتر لي لحماً وعادتهم تناول لحم الضأن لم يعد ممتثلاً إلا بشراء لحم الضأن عملاً بالعادة. =


[١] فأفهم اعتبارهما، وما ذكروا في الوصايا كما ذكر يدفع الفرق. (لي). وفي حاشية: ولعله يفرق بين الأيمان وغيرها. اهـ الظاهر اعتبار هذا المذهب المرجوح هنا، يعني في الأيمان. (من خط السيد عبدالله الوزير |).

[٢] في المطبوع: أن العام عام. والمثبت من مختصر المنتهى.