[تعريف العلم]
  يحتاج في تحصيله إلى نظر (و) بعضه (نظري) يحتاج في تحصيله إلى النظر، وهذه القسمة بديهية(١) لا يحتاج فيها إلى تجشم الاستدلال كما ارتكبه أقوام(٢)؛ وذلك أنا(٣) إذا رجعنا إلى وجداننا وجدنا من التصورات ما هو حاصل لنا بلا نظر، كتصور(٤) الحرارة والبرودة، وما هو حاصل بالنظر، كتصور حقيقة الملك والجن، ومن التصديقات ما هو حاصل لنا بلا نظر، كالتصديق بأن الشمس مشرقة والنار محرقة، وما هو حاصل بالنظر، كالتصديق بأن العالم حادث والصانع موجود.
= أي: لا يتوقف تحققه عليه، وهو الذي متعلقه مفرد كالوجود والشيء، فلا يطلب بحد؛ إذ لا حد له؛ فإنه تمييز أجزاء المفرد، ولا أجزاء له. والمطلوب بخلافه، وهو ما كان متعلقه مركباً، فتطلب مفرداته ليعرف مميزه، وذلك حده، فقد تبين أن كل مركب يكتسب بالحد، ولا شيء من البسيط كذلك، وهذا ما وعدناك في بيان أن البسيط هو معنى الضروري. والتصديق البديهي [الضروري (ش عضد)] هو ما لا يتقدمه تصديق يتوقف عليه، وهو دليله وطلبه بالنظر، ولا بأس أن يتقدمه تصور يتوقف عليه ضرورياً كان أو نظرياً. والمطلوب بخلافه، أي: يتقدمه تصديق يتوقف عليه، وهو دليله فيطلب بالدليل. واعلم أنه لا يلزم من توقف التصور على تصور مفرداته أن تطلب، بل قد تكون حاصلة من غير سبق طلب ولا نظر. (عضد الدين).
(١) البديهي هو الذي لا يتوقف حصوله على نظر وكسب، سواء احتاج إلى شيء آخر من حدس أو تجربة أو غير ذلك أو لم يحتج، ويرادف الضروري، وقد يراد به ما لا يحتاج بعد توجه العقل إلى شيء أصلاً، فيكون أخص من الضروري، كتصور الحرارة والبرودة، وكالتصديق بأن النفي والإثبات لا يجتمعان ولا يرتفعان. (تعريفات).
(٢) وهو قولهم: لو كان الكل من الكل نظرياً لدار أو تسلسل أو بديهياً لما احتجنا في شيء منهما إلى الفكر، وهذا لا يتم إلا بدعوى البداهة في مقدمات الدليل وأطرافها، ولا بد من دعوى البداهة في ثبوت الاحتياج إلى الفكر وذلك بعينه دعوى البداهة في عدم بداهة الكل فظهر أن الاستدلال يؤول بالآخرة إلى دعوى البداهة في المطلوب فلنكتف به. (مختصراً).
(٣) في (أ): لأنا.
(٤) قوله: كتصور الحرارة والبرودة، يعني في الأعراض، وقوله: كتصور حقيقة الملك والجن يعني في الجواهر.