هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 11 - الجزء 3

  إبراهيم⁣(⁣١) أنه قال: كنا نُعَلَّم قراءة عبدالله بن مسعود ونحن صبيان؛ ولهذا لم تعمل بقراءة أبي بن كعب: «فعدة من أيام أخر متتابعات» لأنها لم تشتهر⁣(⁣٢) ولم تظهر ظهور قراءة ابن مسعود.

  ولا يذهب عليك أنه يشترط في حمل المطلق على المقيد أن لا يكون مقيداً بقيدين متضادين، وإلا طلب الترجيح بين المقيِّدين وحمل المطلق على الراجح إن أمكن، وإلا تساقطا وبقي المطلق على إطلاقه.

  (وإن اختلفا حكماً) نحو: اكس تميمياً وأطعم تميمياً عالماً (لم يحمل المطلق على المقيد اتفاقاً) وذلك لعدم المنافاة في الجمع بينهما، سواء اختلف سببهما نحو: تقييد صيام القتل بالتتابع وإطلاق إطعام الظهار، أو لم يختلف نحو: تقييد صوم


(قوله): «ولهذا لم تعمل» أي: الحنفية.

(قوله): «بقيدين متضادين» كقضاء رمضان⁣[⁣١] الوارد مطلقا في قوله: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}⁣[البقرة: ١٨٥]، وتقييد صوم كفارة الظهار بالتتابع في قوله تعالى: {فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ}⁣[النساء: ٩٢]، وتقييد صوم التمتع بالتفريق في قوله: {فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ}⁣[البقرة: ١٩٦]، ففي هذا يجب اطراحهما لتضادهما ويجرى المطلق على ظاهره في الإطلاق، وليس تقييده بأحد القيدين أولى من الآخر، وأما إذا كان أحد القيدين أولى فإنه يحمل عليه، كمسح اليد في التيمم فإنه ورد مطلقاً، وغسل اليدين في الوضوء ورد مقيداً بالمرافق، وقطعها في السرقة ورد مقيداً بالكوع بالإجماع⁣[⁣٢]، فيحمل المطلق في التيمم على المقيد في الوضوء لا في القطع للسرقة؛ لأن التيمم أقرب إلى الوضوء؛ لأنه بدل عنه.

(قوله): «وأن اختلفا حكما» وفيه قسمان: إما أن يختلف سببهما أو لا، وقد ذكرهما المؤلف #.


(١) النخعي.

(٢) هذا ظاهر على مذهب الحنفية، وأما عند من يخصص بالآحادي مطلقاً فينظر. (سحولي). يتأمل هذا.


[١] هذا المثال نقله المحشي من الفصول، قال العلامة الجلال وهو وهم فاحش؛ لأن صوم قضاء رمضان مقيد به كما أن كلا من صوم الظهار والقتل مقيد به، فليس أحدهما جنساً للآخر، بل هي كلها أنواع مطلق الصوم، والمقيد شرطه أن يكون مما يصدق عليه المطلق كما علمت، وصوم رمضان لا يصدق عليه صوم الكفارة. (ح). ولو فرض صحة ذلك فليسا من متحد السبب الذي نحن بصدده. (حسن). بل المثال الصحيح: اعتق رقبة مؤمنة اعتق رقبة كافرة؛ لأن كلام الشارح في سياق متحدي الحكم والسبب، إلا أن يقتضي القياس فيدخل في مختلف السبب. (ح عن خط شيخه).

[٢] قلت: في دعوى الإجماع نظر؛ إذ خلاف مالك مشهور أنها تقطع من أصلها اهـ ح وغيره.