هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[الباب الثالث: العموم والخصوص]

صفحة 13 - الجزء 3

  (و) إن اختلفا (سبباً) فقط لا حكماً، فإن حكم المختلفين حكماً تقدم بيانه، وذلك كإطلاق الرقبة في كفارة الظهار واليمين وتقييدها بالإيمان في كفارة القتل، والحكم واحد وهو وجوب الإعتاق، والسبب مختلف وهو القتل والظهار واليمين - فالمختار أنه (يحمل) المطلق على المقيد (إن اقتضى القياس⁣(⁣١) التقييد) بأن توجد بينهما علة جامعة مقتضية للإلحاق⁣(⁣٢)، فيكون تقييداً للمطلق بالقياس كتخصيص العام بالقياس، ويجيء هنا ما تقدم هناك من الخلاف.

  (وإ) ن (لا) يقتض القياس التقييد بأن لا توجد بينهما علة جامعة (فلا)⁣(⁣٣) يحمل المطلق على المقيد؛ لعدم الدليل على التقييد، فوجب البقاء على ظاهر


(١) قال في شرح العصام للجلال: لا يحمل أحدهما على الآخر بغير جامع، وبه أيضاً؛ لتأديته إلى النسخ بالقياس حيث يلزم منه رفع ما اقتضاه المطلق من الامتثال بمطلقه، فيكون نسخاً، والقياس لا يصلح ناسخاً اتفاقاً. اهـ قال شيخنا السيد صفي الدين حفظه الله: وينظر في دعوى الاتفاق، فسيأتي في النسخ ذكر الخلاف.

(٢) يؤخذ منه اشتراط ما يعتبر للقياس من كون الحكم معقول المعنى، فلا يحمل إطلاق آية التيمم مسح الوجه واليدين على تقييد آية الوضوء بزيادة مسح الرأس وغسل الرجلين، فلا يثبت مثله في التيمم حملا على الوضوء، ولا يحمل المطلق على المقيد قياساً مع قيام الفارق كما في آية عدة الوفاة وآية عدة الطلاق، فإن الأولى - وهي قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا}⁣[البقرة: ٢٣٤] - لم تقيد بالدخول، والثانية - وهي قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}⁣[البقرة: ٢٢٨] - قيدت بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}⁣[الأحزاب: ٤٩]، فلا تقيد عدة الموت بالدخول قياساً؛ للفارق، وهو بقاء أحكام الزوجية بعد الموت كإرثها منه وكونها تغسله، بخلاف المطلقة البائن. ولا يخفى على المتأمل أن المثال الأول ليس من المطلق والمقيد. (ابن أبي شريف |).

(٣) كالصوم في كفارة الظهار وكفارة اليمين، فإنه لما ورد في أحدهما التتابع دون الآخر ولم نجد علة التقييد مشتركة بينهما حمل كل منهما على ما ورد عليه. (حاشية فصول). أقول: هذا على قول من لا يعتبر التتابع، وأما على ما صدره في الأزهار للمذهب من وجوب التتابع فلقراءة ابن مسعود ثلاثة أيام متتابعات، وهي كأخبار الآحاد في العمل بها، خلافاً لأهل القول الأول، فالقياس ليس معمولا به رأساً. (من خط السيد عبدالله بن علي الوزير |).