هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

[تعريف العلم]

صفحة 155 - الجزء 1

  ولما ذكر العلم وبين ما يطلق عليه لفظه من المعاني⁣(⁣١) أردفه بذكر أقسام منه⁣(⁣٢) وقسيمات له فقال: (والاعتقاد يقال) أي: يطلق بالاشتراك (على التصديق) سواء كان جازماً أو غير جازم، مطابقاً أو غير مطابق، ثابتاً أو غير ثابت، وهذا هو المتداول المشهور.

  (و) قد يقال (على) قسم من العلم بالمعنى الأخص وهو (اليقين) أعني التصديق الجازم المطابق الثابت.


(قوله): «وبين ما يطلق عليه لفظه من المعاني» قد تقدم أنه يطلق على معنيين أعم وأخص، فلعله أراد هنا جنس المعاني⁣[⁣١] أو اعتبر إطلاقه على التصور والتصديق والضروري والنظري منهما.

(قوله): «بذكر أقسام منه» إن أريد العلم بالمعنى الأعم فالأقسام هي الاعتقاد والظن والشك والوهم، وأما قسيمه فليس إلا الجهل البسيط؛ لما عرفت من أن الجهل المركب من أقسام العلم بالمعنى الأعم، كما ذكره المؤلف سابقاً، وأما على ما ذكره في شرح المواقف من الاعتراض على جعل الجهل المركب من أقسام العلم فالقسيم أمران: الجهل البسيط والمركب، وعلى التقديرين ففي جمع القسيمات تأمل.

وإن أريد العلم بالمعنى الأخص لم يكن المذكور هنا إلا قسماً واحداً⁣[⁣٢]، وهو الاعتقاد بمعنى اليقين، ولعله يحمل كلام المؤلف على الاستخدام، فيراد بالعلم في قوله: «ولما ذكر العلم» هو العلم بالمعنى الأعم، وبضميره في قوله: «وقسيمات له» العلم بالمعنى الأخص، فتكون القسيمات حينئذ هي: الشك والظن والجهل والوهم، وإن كانت أقساماً للعلم بالمعنى الأعم، وفيه تكلف، ولو قال المؤلف #: لما ذكر العلم وبين ما يطلق عليه أردفه بذكر ما هو قسم منه أو قسيم له ... إلخ - لاستقام الكلام.

(قوله): «ثابتاً» أي: غير منتفٍ بالتشكيك، وهذا القسم أخص من المطابق؛ إذ المطابق قد يكون اعتقاد تقليد.


(١) المراد ما فوق الواحد، وهما الأعم والأخص، أو المراد التصديق والتصور والضروري والنظري.

(٢) قوله: أقسام منه كالاعتقاد والظن والشك والوهم، وقوله: وقسيمات له القسيم هو المباين، فقسيم العلم بالمعنى الأعم إنما هو الجهل، وبالمعنى الأخص سائر أقسامه بالمعنى الأعم والجهل.


[١] هذا مبني على أن من بيانية في قوله: من المعاني، والظاهر أنها تبعيضية فلا يحتاج إلى هذا الحمل الأول، وأما قوله: أو اعتبر ... إلخ فلا يصح التوجيه به؛ إذ المراد من إطلاق لفظ العلم هو الإطلاق بحسب الوضع، وإطلاقه على التصور والتصديق ليس بوضعي، والضروري والنظري أقسام لهما، فتأمل، والله أعلم. (إملاء ح عن شيخه الحسن).

[٢] ففي جمع الأقسام تأمل. (سيدي أحمد ح).