[تعريف العلم]
  (والجهل) مشترك أيضاً بين معنيين، فهو (بمعنى يقابل العلم والاعتقاد) مقابلة العدم للملكة، فهو عدم العلم أو الاعتقاد عما من شأنه(١) أن يكون عالماً أو معتقداً، وهذا يسمى جهلاً بسيطاً.
  (وبآخر قسم من الاعتقاد) بمعناه الأعم(٢)، فهو اعتقاد الشيء على خلاف ما هو عليه اعتقاداً جازماً، سواء كان مستنداً إلى شبهة أو تقليد، وهذا يسمى جهلاً مركباً(٣)؛ لأنه جهل بما في الواقع مع الجهل بأنه جاهل به.
  (والظن ترجيح أحد الطرفين) أي: الإيجاب والسلب، فهو اعتقاد راجح لا تنقبض النفس معه عن الطرف الآخر.
(قوله): «والظن ترجيح أحد الطرفين ... إلخ»: في هذا مسامحة؛ إذ الظن ليس نفس الترجيح، بل هو الإدراك الراجح؛ ولذا قال المؤلف في الشرح: هو اعتقاد راجح ... إلخ، وقوله: والشك استواء الطرفين، وقوله: وهو تردد الذهن، وقوله: والوهم مرجوحية أحدهما - في الكل مسامحة أيضاً؛ إذ الشك ليس نفس الاستواء ولا التردد، والوهم ليس نفس المرجوحية، بل الإدراك غير الجازم المستوي الطرفين، والوهم هو الإدراك غير الجازم المرجوح، والله أعلم.
(١) فلا يقال: الجماد جاهل. (قطب).
(٢) هو التصديق، وقوله: «فهو» يعني الجهل.
(٣) الجهل المركب: عبارة عن اعتقاد جازم غير مطابق سواء كان مستنداً إلى شبهة أو تقليد. والجهل البسيط: هو عدم العلم عما من شأنه أن يكون عالماً. ويقرب منه السهو، وسببه عدم استثبات التصور حتى إذا نبه الساهي أدنى تنبيه تنبه وعاد إليه التصور الأول، وكذا الغفلة تقرب منه أيضاً، ويفهم منها عدم التصور مع وجود مقتضيه، وكذلك الذهول يقرب منه، وسببه عدم استثبات التصور حيرة ودهشاً. والجهل البسيط بعد العلم يسمى نسياناً، وقد فرق بين السهو وبينه بأن الأول زوال الصورة عن المدركة مع بقائها في الحافظة، والثاني زوالها عنهما معاً فيحتاج في حصولها إلى سبب جديد. قال الآمدي: إن الغفلة والذهول والنسيان عبارات مختلفة لكن يقرب أن تكون معانيها متحدة، وكلها مضادة للعلم، بمعنى أنه يستحيل اجتماعها معه. قال: والجهل البسيط يمتنع اجتماعه مع العلم لذاتيهما فيكون ضداً له وإن لم يكن صفة إثبات. (مختصراً من المقصد الثالث والرابع من مقاصد العلم من موقف الأعراض من المواقف وشرحه).