الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)
  بين الأحكام التي يتوجه إليها النفي الحكم الأقرب إلى نفي ذات المنفي ظاهراً، وهو الصحة دون الكمال؛ لأن ما لا يصح كالعدم في عدم الجدوى، بخلاف ما لا كمال فيه، فكان نفي الصحة أقرب المجازين إلى الحقيقة المتعذرة، فكان ظاهراً فيه، فلا إجمال.
  (و) هذا (ليس ترجيحاً في اللغة) وهي لا تثبت بالترجيح (بل حملاً على) ما هو (المتعارف) في الاستعمال المجازي لمثل هذا الكلام، ولذلك يقال: هو كالعدم إذا كان بلا جدوى، هذا إن لم ثبت في مثله عرف أصلاً، فإن ثبت عرف شرعي في إطلاق الصلاة والصيام والنكاح ونحوها على الصحيح كان المعنى: لا صلاة صحيحة ولا صيام صحيح ولا عمل صحيح، والنفي(١) لها ممكن فلا تقدير فلا إجمال، وإن ثبت عرف فيه لغوي - وهو أن مثله يقصد منه نفي الفائدة والجدوى نحو: لا علم إلا ما نفع، ولا كلام إلا ما أفاد، ولا طاعة إلا لله - تعين فلا إجمال.
  وذهب القائلون بعموم المقتضي إلى أنه لا إجمال فيه؛ لما ثبت عندهم من
(قوله): «بل حملا على ما هو المتعارف في الاستعمال المجازي» فسر المؤلف # العرف هنا بهذا لئلا يرد عليه ما يقال: إنه سيأتي أن الكلام مفروض مع انتفاء العرف لقوله #: هذا إذا لم يثبت في مثله عرف أصلا فما معنى هذا العرف؟ فلأجل دفع هذا الإيراد حمله المؤلف # على العرف[١] في الاستعمال المجازي، وهو لا ينافي انتفاء العرف الشرعي والعرف اللغوي، وأما حمله على العرف الأصولي فقد اعترض السعد بأنه لا معنى لحمل كلام الشارع على اصطلاح يحدث بعده، ذكره في الحواشي.
(قوله): «فلا تقدير فلا إجمال» عبارة شرح المختصر: فيتعين فلا إجمال اهـ إذ التقدير حاصل[٢]، وسيتعمد المؤلف # عبارة شرح المختصر في قوله فيما يأتي: تعين فلا إجمال.
(١) في المطبوع: فالنفي.
[١] في المطبوع: على انتفاء العرف، ولعل حذف: «انتفاء» هو الصواب.
[٢] عبارة المؤلف قويمة فتأمل. (حبشي). وفي حاشية: الأصوب ما في عبارة ابن الإمام #؛ إذ المراد أن العرف صير الصحة من مسمى الصلاة بحيث لا تطلق على غير الصحيحة إلا مجازاً، ولو أراد أنه مقدر كان إطلاقه عليه على جهة مجاز الحذف، وهو صدر البحث السابق، والله أعلم. (من خط السيد العلامة أحمد بن الحسن بن إسحاق |).