هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)

صفحة 26 - الجزء 3

  جزءاً منه، فإن فقدانها لا يخرج العمل عن كونه عملاً؛ لأن الشرع لم ينقله إلى غير معناه الأصلي، وهذا مذهب الإمام أبي طالب وأبي الحسين البصري وأتباعهما الذي أشرنا إليه سابقاً.

  والجواب: أن ما ذكروه مبني على أن الشرعي ليس إلا الصحيح، وهو غير مسلم؛ فإن الشرعي هو الصورة المعينة والحالة المخصوصة صحت أم لا؛ لأنه يقال: صلاة صحيحة وصلاة فاسدة، وصلاة الجنب وصلاة الحائض باطلة، والأصل في الاستعمال الحقيقة، فالقول بكونه مجازاً في غير الصحيح⁣(⁣١) غير صحيح.


(قوله): «لأن الشرع لم ينقله» أي: لم ينقل العمل عن مسماه لغة إلى غيره.

(قوله): «فالقول بكونه مجازاً في غير الصحيح» وهو ما انتفى شرط صحته كالوضوء مثلا، وهذا إشارة إلى ما ذكره أبو طالب وأبو الحسين فيما نقله المؤلف # عنهما سابقاً حيث قال: ويقتضي أن يكون استعمال الصلاة في الفاسدة مجازاً.

(قوله): «غير صحيح» مقتضى هذا الجواب⁣[⁣١] أنه مجمل عند أبي طالب وأبي والحسين في مثل لا صلاة إلا بوضوء، وليس كذلك؛ إذ قد نقل المؤلف # عنهما أنه ليس بمجمل فيما يمكن انتفاء الفعل متى لم تحصل تلك الصفة، وذلك بأن تكون الصفة شرطاً أو شطراً، ومقتضى الجواب أيضاً أنه ليس بمجاز على المختار، وقد سبق أن المراد⁣[⁣٢] نفي الصحة وأنه أقرب المجازين إلى الحقيقة المتعذرة. ويمكن الجواب عن هذا بأن هذا الجواب على جهة المنع وإن لم يكن مختاراً عند المانع⁣[⁣٣].


(١) إن قيل: فيلزم الاشتراك، والمجاز أكثر، فيحمل عليه، وعلاقته الصورة، وإلا لزم الخروج من عهدة الأمر لكونه قد أتى بحقيقة ما طلب منه؛ ولذا قالوا يحمل على نفي الصحة لأنه أقرب إلى نفي الذات الذي هو الحقيقي فتأمل اهـ قال في حاشية بعد هذا: ينظر.


[١] (قوله): «مقتضى هذا الجواب ... إلخ، وقوله ثانياً: ومقتضى الجواب أيضا، وقوله: وقد سبق ... إلخ» غير صحيح فتأمل، والله أعلم. (ح عن خط شيخه). وقول المؤلف: إنه أقرب المجازين لا ينافي ما هنا؛ إذ ما هنا عدم صحة كونه مجازاً مرسلاً، وما سبق مجاز الحذف فتأمل. (من خط حفيد مؤلف الروض قال: اهـ السيد عبدالله بن محمد).

[٢] ذلك غير هذا فتأمل. (ح عن خط شيخه).

[٣] ينظر؛ فإنه وإن اقتضى الجواب أنه ليس بمجاز فهو صحيح باعتبار اختلاف الإطلاق نفياً وإثباتاً، فإنه عند الإثبات يقال: صلاة للصلاة المعينة والحالة المخصوصة صحيحة كانت أم لا، ولما تعذر نفي الحقيقة حمل على المجاز عند الجمهور، وأبو طالب لما قال: إن الحقيقة الشرعية معتبرة في مسماها الصحة أمكن عنده نفي الذات فلا مجاز، وأجيب عنه من جهة الجمهور بما يقتضي إثبات الحقيقة في جميع الإطلاقات بدليل التبادر الذي هو علامة الحقيقة، هكذا ينبغي تحقيقه. (من خط سيدي أحمد بن الحسن بن إسحاق |).