هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)

صفحة 29 - الجزء 3

  الربع، فكان الربع واجباً.

  (و) أجيب: بأن (التردد ممنوع) يعني لا نسلم ذلك؛ لما ذكرناه من أنه إن لم يثبت عرف ناقل فهو ظاهر في الجميع، وإن ثبت كان ظاهراً في المطلق من غير تقييد بتقدير.

  وبين صاحب فصولهم الإجمال بوجه آخر، حاصله: أن ما دخل الباء عليه لا يراد استيعابه عرفاً، أما الآلة فلأن المراد منها مقدار ما يتوسل به، وأما غيرها فلأن دخول الباء يجعله شبيهاً بها؛ إذ هي حرفها، ولما لم يقتض وضع الآلة استيعابها عادة اكتفي بالأكثر الحاكي للكل حكماً⁣(⁣١)، فعرض عن هذا التبعيض لا مطلقاً⁣(⁣٢) بل مقدراً، فصار مجملاً.

  وقد يجاب: بمنع أن دخول الباء على غير الآلة يجعله شبيهاً بها، ثم إنه يستلزم أن تكون الباء مجازاً في الآية، والمجاز خلاف الأصل، مع أنه لا قائل به.


(قوله): «إذ هي» أي: الباء «حرفها» أي: حرف الآلة؛ لأنه يستعان بالآلة، والباء للاستعانة.

(قوله): «اكتفي» أي: اكتفي في الآلة⁣[⁣١] «بالأكثر» أي: باستيعاب الأكثر منها.

(قوله): «الحاكي» أي: المشابه، يعني أن الأكثر لقربه من الكل يحكم عليه بحكم الكل، فقوله: حكما منتصب على الظرفية.

(قوله): «فعرض عن هذا» أي: الاكتفاء بالأكثر.

(قوله): «التبعيض» فاعل عرض، وقوله: «لا مطلقا» أي: لا مطلق التبعيض بحيث يراد أي بعض كان، بل مقدراً بكونه الأكثر، وهو محتمل، فصار مجملاً. قلت: وقد فسرت هذه العبارة بأن المراد أنه اكتفي في التشبيه بالآلة باستيعاب الأكثر من المشبه، وأن المراد بقوله: فعرض عن هذا أي: عن التشبيه بالآلة، ورد هذا التفسير⁣[⁣٢] بأن الاكتفاء بالأكثر في المشبه إنما يقال لو اقتضت الآلة الاستيعاب حتى يكون الأكر في المشبه كالكل ليثبت وجه التشبيه، وأما مع عدم اقتضاء الآلة الاستيعاب فوجه الشبه يتم بالاكتفاء بالبعض أي بعض كان، وهو مدعى بعض الشافعية، فلا حجة للحنفية على الإجمال.

(قوله): «مع أنه لا قائل به» أي: بكونها مجازاً في الآية.


(١) تمييز من نسبة الحاكي إلى ضميره. (من خط المولى ضياء الدين). وفي حاشية سيلان: ظرف.

(٢) في نسخة بعد هذا: إذ لو كان مطلقاً فلا إجمال.


[١] في حاشية: في الشبيه، وهو الأظهر. (ح).

[٢] يحقق هذا إن شاء الله تعالى. (ح عن خط شيخه).