الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)
  وأجيب: بأن ذلك باطل(١) (لأنه ترجيح) في اللغة بكثرة الفائدة، وطريقها النقل لا الترجيح، ولو سلم الجواز فهو معارض بأن الألفاظ المفيدة معنى واحداً أغلب وأكثر مما يفيد معنيين وخصوصاً في كلام الشارع، فكان جعله من الأكثر هو الأظهر، فيتساقطان(٢).
  (وقيل:) إنه (مجمل) وهو مذهب الجمهور، وبه نقول(٣) (وقد سبق) الكلام فيه في صدر الكتاب. وللقاضي عبدالوهاب بن الشيخ تقي الدين السبكي في هذه المسألة تفصيل حسن، وهو: أنه إن كان ذلك المعنى الذي يستعمل فيه اللفظ تارة أحد المعنيين اللذين يستعمل فيهما اللفظ تارة أخرى مثل الدابة يراد به الفرس تارة والفرس والحمار أخرى، ومُثِّل بحديث مسلم:
(قوله): «فكان جعله من الأكثر هو الأظهر» فإن قيل: فيكون ظاهراً في المعنى الواحد، وهذا يستلزم خلاف ما اختاره المؤلف # من ظهوره فيها، قلنا: قد أشار إلى جواب هذا بقوله: فيتساقطان، أي: الاستدلال بأن ما يفيد معنيين أكثر والاستدلال بأن الألفاظ المفيدة معنى واحداً أغلب، وإذا تساقطا بقي ما ذكره المؤلف # من ظهوره فيها سالماً.
(قوله): «وبه نقول» إشارة إلى ما اختاره المؤلف # سابقاً في مسألة إطلاق المشترك على الكل حيث قال: وبعض أهل هذا القول يذهب إلى أن المشترك حقيقة في الكل من غير ظهور فيه؛ لاحتمال أن يراد به واحد، وهذا عندي أرجح.
(١) قال العضد: الجواب أنه إثبات اللغة - وهو كونه حقيقه لمعنيين - بالترجيح بكثرة الفائدة حينئذ، وأنه باطل.
(٢) فإن قيل: فيكون ظاهراً في أحد الأمرين، أعني المعنى الواحد، وهذا يستلزم خلاف المقدر ونفي[١] الإجمال، قلنا: المراد أن ما ذكرتم اقتضى الظهور في المعنيين، وما ذكرنا في المعنى الواحد، فيتساقطان ويبقى الإجمال وعدم الظهور (سعد).
(٣) لنا: أن كونه لهما مع عدم ظهوره في أحدهما هو معنى المجمل، وقد فرضناه كذلك، فيكون مجملاً (عضد). قوله: في أحدهما أي: أحد المذكورين اللذين هما المعنى الواحد والمعنيان الاثنان. (سعد).
[١] في المطبوع: وبقاء الإجمال. والمثبت من حاشية السعد.