الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)
  «الثيب أحق بنفسها من وليها» إما بأن تعقد لنفسها، وإما بأن تعقد لنفسها أو تأذن لوليها فيعقد لها ولا يجبرها - وجبَ العمل به في ذلك المعنى جزماً؛ لوجوده في الاستعمالين، فهو مراد قطعاً، ولهذا قال بعقدها لنفسها أبو حنيفة مطلقاً، وبعض الشافعية إذا كانت في مكان لا ولي فيه ولا حاكم.
  وإن لم يكن ذلك المعنى أحدهما ومثل بحديث مسلم: «المحرم لا يَنْكِح ولا يُنْكِح» بناء على أن النكاح مشترك بين العقد والوطء، فإنه إن حمل على الوطء استفيد منه معنى واحد، وهو أن المحرم لا يطأ ولا يوطأ(١)، أي: لا يمكن غيره من وطئه، وإن حمل على العقد استفيد منه معنيان بينهما قدر مشترك، وهو أن المحرم لا يعقد لنفسه ولا يعقد لغيره، فالراجح الإجمال؛ لتردده بين المعنى والمعنيين.
  (و) منها: أنه (لا) إجمال (فيما له محملان لغوي(٢) وشرعي) مثاله:
(قوله): «إما بأن تعقد لنفسها» هذا مثال للمعنى الواحد، وقوله: «وإما بأن تعقد لنفسها أو تأذن» هذا مثال لإرادة المعنيين، لكن العطف بأو لا يناسب ذلك[١].
(قوله): «وجب العمل به» جواب قوله: إن كان ذلك المعنى ... إلخ.
(قوله): «بينهما قدر مشترك» لعله أراد مطلق العقد.
(قوله): «بين المعنى» وهو الوطء «والمعنيين» العقد لنفسه ولغيره.
(١) قال ابن أبي شريف: بكسر الطاء، والمعنى الواحد المستفاد هو الوطء الذي هو وصف للمحرم فعلا أو تمكيناً، والمعنيان هما عقدة النكاح لنفسه وعقده لغيره، والقدر المشترك بينهما مطلق العقد.
(٢) أي: حكم يتعلق باللغة ويستفاد من اللغوي، مثل تسمية الطواف بالصلاة، وتسمية الاثنين بالجماعة، والآخر أمر شرعي، أي: حكم يتعلق بالشرع ويستفاد من الشارع، مثل اشتراط الطهارة في الطواف، وحصول فضيلة الجماعة بالاثنين؛ ولهذا قال: محملان ولم يقل: معنيان، بخلاف المسألة الآتية فإنها في اللفظ الذي يكون له معنى وضع اللفظ له لغة ومعنى آخر وضع اللفظ له شرعاً، فيتبين الفرق بين المسألتين. (سعد).
[١] وعبارة شرح الجمع مثل عبارة المؤلف. (ح عن خط شيخه).