الباب الرابع من المقصد الرابع: (في المجمل والمبين)
  هذا كله (إن علم) المتقدم من القول والفعل (وإلا فالقول أو الترجيح) يعني أن القائلين بأن المتقدم هو المبين اختلفوا مع جهل المتقدم، فقال أبو الحسين البصري والإمام المهدي أحمد بن يحيى # في منظومته: إن القول هو المبين؛ لأن الفعل لا يكون بياناً بنفسه، بل لا بد معه من قول يضامه مثل: صلوا، وخذوا، أو قرينة تدل على ذلك، بخلاف القول(١)، فكان أولى.
  وقال السيد إبراهيم بن محمد في فصوله والشيخ أحمد في جوهرته: إنه يجب الترجيح بينهما؛ إذ قد صار لكل واحد منهما من العلقة(٢) والاختصاص بالمجمل ما أوجب التسوية بينهما، فلا يحكم لأحدهما بالبيان إلا بطريق ترجحه، فإن انتفى المرجح فالوقف.
  (والمختار) أن المبيِّن هو (القول) سواء علم المتقدم أو جهل، وفاقاً للجمهور (للجمع)(٣) بين الدليلين؛ بأن يحمل الفعل على الندب(٤) أو الخصوصية، بخلاف ما إذا جعل المبين هو الفعل فإن علم تقدمه صار منسوخاً
(قوله): «في منظومته» أي: الإمام المهدي # في هذا الفن.
(قوله): «بأن يحمل الفعل على الندب» أي: الندب له ÷، كذا في شرح المختصر. وقوله: «أو الخصوصية» أي: واجب عليه وهو مما اختص به، ذكره في شرح المختصر.
(قوله): «بخلاف ما إذا جعل المبين» بالكسر.
(١) والدال بنفسه أقوى من الدال بغيره، فإن قيل: قد سبق أن الفعل أقوى في البيان، قلنا: التحقيق أن القول أقوى في الدلالة على الحكم، والفعل أدل على الكيفية، ففعله للصلاة أدل من وصفها بالقول؛ لأن فيه المشاهدة، وأما استفادة وجوبها أو ندبها أو غيرهما فالقول أقوى وأوضح لصراحته. (من بعض حواشي شرح المحلي).
(٢) في نسخة: العلاقة.
(٣) قال الجلال: إن لم يثبت: «خذوا عني مناسككم» وإلا تعارض القولان. اهـ إذا كان المراد بالمناسك في الحديث العبادات كما فسرها المؤلف في التخصيص بالفعل فاندفاع هذا الكلام أظهر من أن يظهر؛ إذ تكون العبادات مخصصة بهذا الأمر. (منقولة بلفظها).
(٤) الندب حيث أمر بطواف واحد وطاف طوافين، والخصوصية به عكس ذلك، وهو حيث أمر بطوافين وطاف مرة، والله أعلم.