الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)
  السابق إلى الفهم منه معنى راجح مع احتماله لمعنى مرجوح لم يحمل عليه، وهو في اللغة بمعنى الواضح، يقال: ظهر الشيء ظهوراً إذا وضح بعد خفائه، ومنه قيل: ظهر لي رأي إذا علمت ما لم تكن علمته، وظهر الحمل إذا تبين، ويقال: ظهرت عليه أي: اطلعت(١)، وظهرت على الحائط: علوته، ومنه: ظهر على عدوه، إذا غلبه.
  ثم إن دلالة الظاهر بالمعنى المصطلح قد تكون بالوضع الأصلي كالأسد للحيوان المفترس، وقد تكون بعرف الاستعمال كالغائط للخارج المستقذر؛ إذ غلب فيه بعد أن كان في الأصل للمكان المطئن، وقد تكون بعرف الشرع كالصلاة لذات الأذكار والأركان بعد أن كانت في الأصل للدعاء(٢).
  بقي الكلام فيما إذا اقترن اللفظ بقرينة يكون بها أظهر في المعنى المجازي منه في المعنى الحقيقي، فكلام الآمدي وغيره مصرح بأنه من قسم المؤول لا من قسم الظاهر، وهذا هو الظاهر من عبارة هذا الكتاب، وكلام ابن الحاجب في مختصره محتمل، وجعل سعد الدين التفتازاني دخول المجاز في قسم الظاهر أقرب الاحتمالين من كلامه.
(قوله): «أقرب الاحتمالين» وهما كونه ظاهراً أو مؤولا.
(قوله): «من كلامه» أي: ابن الحاجب.
(١) في نسخ: طلعت.
(٢) قال في الثمرات: ويكون في الأسماء والأفعال والحروف، مثال الحروف «إلى»، فالظاهر أنها للغاية ومتأول على الجمع. أراد أن تكون بمعنى مع. ومن الظاهر صيغة الأمر أنها للوجوب وإن تؤولت بالندب، وصيغة النهي أنها للتحريم وإن تؤولت على الكراهة، وصيغة النفي كقوله ÷: «لا صيام لمن لم يبيت الصيام من الليل»، إنها لنفي الأجزاء، والتأويل نفي الكمال.