هداية العقول إلى غاية السؤل في علم الأصول المعروف بـ (شرح الغاية)،

الحسين بن القاسم بن محمد (المتوفى: 1050 هـ)

الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)

صفحة 75 - الجزء 3

  قالوا: فليحمل على أقرب تأويل كنفي الفضيلة.

  قلنا: في ذلك التأويل⁣(⁣١) إبقاء الحقيقة - وهي نفي ذات الصوم الشرعي - والعموم في بعض الأصناف، وفيما ذكرتموه من التأويل إبقاء العموم فقط دون حقيقة النفي، فكان ذلك أقرب المجازين، مع أن التخصيص أغلب، فكان الحمل عليه أولى.

  وعد من البعيد أيضاً تأويل الحنفية لحديث عائشة: «أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل» هكذا في رواية أبي داود الطيالسي، وفي رواية الشافعي وأحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجه: «فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل» وكلهم من طريق ابن جريج عن سليمان بن موسى عن


(قوله): «في ذلك التأويل» أي: تأويله بالقضاء والنذر المطلق والكفارات.

(قوله): «إبقاء الحقيقة» أي: حقيقة النفي في لا صيام.

(قوله): «والعموم» أي: وإبقاء العموم.


= ومن كان أصبح مفطراً فليصم بقية يومه» هذا طرف حديث أخرجه البخاري ومسلم، ذكر ذلك ابن بهران، قال: وحكى في الانتصار عن عائشة وغيرها عن الرسول ÷ أنه قال: «صوم عاشوراء نسخ برمضان» اهـ قال # في البحر: ونسخ الوجوب لا يبطل بقية الأحكام، فقسنا عليه ما تعين وقته؛ إذ كان ÷ ينوي الصيام نفلاً حيث لا يجد الغداء، وحكى # عن الناصر والمؤيد بالله أنه لا بد من نية الصيام قبل الفجر؛ للأخبار المتقدمة، قلت: وهذا هو المعتمد، وهو قول الإمام المنصور بالله القاسم بن محمد # وغيره، والرواية عن علي # وكرم الله وجهه غير صحيحة. (من شرح الأزهار للشرفي).

(*) لكنه يقال: لم يقم دليل خاص على التأسي به ÷ في جواز إنشاء الصيام من النهار، وعدم تبييت نيته في صوم النفل وفعله ÷ مخرج له ÷ من عموم حديث: «من لم يجمع الصيام إلخ» تخصيصاً أو نسخاً بشرطه إن تم، والحديث المذكور من أخصب أدلة التأسي العامة، فيكون مخصصاً لها، هذا مقتضى التحقيق المتقدم للمؤلف #، فالحق عدم جواز إنشاء الصيام من النهار وعدم إجزائه إلا مبيتاً؛ لأن الحديث مفيد لشرطية التبييت مطلقاً، ولا يخص من ذلك إلا ما ألحق بصوم عاشوراء، أعني من ظهر له وجوب الصيام عليه من نهار يوم يشرع له صومه كالمجنون يفيق والصبي يحتلم، والمخبر بقدوم غائب نذر بصوم يوم قدومه، ونحو ذلك.