الباب (الخامس) من المقصد الرابع: (في مفهومات الخطاب)
  الإعتاق، وفي الفروع؛ لقوله تعالى: {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ٢٦}[الأنبياء]، دل بذلك على أن العبودية منافية للولدية، فلا يصح أن يكون الولد عبداً.
  ووجه بعده: ظهوره في كل ذي رحم محرم(١) مع الإيماء إلى وجه علة العتق الموجود في الآباء والأبناء وغيرهم، فحمله مع ذلك على صورة نادرة مراعاة لقاعدة(٢) لا يوافقون عليها في غاية البعد(٣).
  وأما المتعذر فموجود في تأويلات أصحاب البدع أتباع الأهواء، كتأويل الباطنية: {وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ}[النحل: ٩٠] بأبي بكر وعمر وعثمان، وتأويل الخوارج للحيران في قوله تعالى: {كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى}[الأنعام: ٧١] بعلي بن أبي طالب #، وأن المراد بالأصحاب هم لا غيرهم، وتأويل المتصوفة(٤) للبيت في قوله
(قوله): «مع الإيماء إلى وجه علة العتق» وهي الرحامة.
(١) لا في الوالد والولد.
(٢) وهي أنه لا عتق من دون إعتاق.
(٣) خبر فحمله.
(٤) قال الحافظ السيوطي في إتقانه ما لفظه: وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير، قال ابن الصلاح في فتاويه: وحدثت عن الإمام أبي الحسن الواحدي المفسر أنه قال: صنف أبو عبدالرحمن السلمي حقائق التفسير، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر. قال ابن الصلاح: الظن بمن يوثق به منهم إذا قال شيئاً من ذلك أنه لم يذكره تفسيراً ولا ذهب به مذهب الشرح للكلمة، فإنه لو كان كذلك كانوا قد سلكوا مسلك الباطنية، وإنما ذلك منهم لنظير ما ورد به القرآن، فإن النظير يذكر بالنظير، ومع ذلك فليتهم لم يتساهلوا بمثل ذلك لما فيه من الإيهام والإلباس. وقال النسفي في عقائده: النصوص على ظواهرها، والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحاد، قال التفتازاني في شرحه: سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص الدينية ليست على ظواهرها، بل لها معان باطنة لا يعلمها إلا المعلم، وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية، قال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرها ومع ذلك ففيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف لأرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان اهـ المراد نقله.